ما بين النساء
ما بين النساء
إن الغيرة بين النساء أمر غريزي، وقد اجتمع للنبي (صلى الله عليه وسلم) تسع نسوة، فلا بد أن يقع منهن شيئًا من الغيرة والتنافس الطبيعي، وقد تعامل النبي (صلى الله عليه وسلم) مع هذه الفطرة خير تعامل، فلم يظلم إحداهن.
فقد كانت زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) حزبين: حزب عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه (رضي الله عنهن)، ولعلم المُسلمين حُب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعائشة، فكانوا يُرسلون الهدايا إلى بيتها، فتكلم حزب أم سلمة أن من يريد أن يُرسل هدية فليهدها إليه حيث كان من نسائه، فأخبرته أم سلمة بذلك، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): لا تؤذيني في عائشة، فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة، فقالت (رضي الله عنها): أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله.
ثم دعون فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقالت له: إن نساءك يُنشدنك العدل في بنت أبي بكر، فقال لها: يا بُنيَّة، ألا تُحبين ما أُحب؟ قالت: بلى، فرجعت إليهن وأخبرتهن، فقلن لها: ارجعي إليه، فأبت (رضي الله عنها).
ثم أرسلن زينب بنت جحش (رضي الله عنه)، فأتته وأغلظت، وقال: إن نساءك يُنشدنك الله العدل في ابنة أبي قحافة، فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبَّتها، فنظر (رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى عائشة هل تتكلم، فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها، فنظر النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى عائشة وقال: إنها ابنة أبي بكر!
وكذلك حينما غارت عائشة (رضي الله عنها) عندما بعثت أم سلمة طعامًا فكسرت الصحفة، فجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) يجمعها وهو يقول: كلوا، غارت أمكم، كلوا غارت أمكم، ثم أخذ من صحفة عائشة (رضي الله عنها) وبعث بها إلى أم سلمة.
ففي كل المواقف يظهر هدوء النبي (صلى الله عليه وسلم) وتعامله المُتزن مع زوجاته عن غيرتهن، وعدم انفعاله حتى لا تتفاقم الأمور.
الفكرة من كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
إن البيوت الجليلة لا بُد أن تُعرف، ولا بد أن يسعى المُسلم ليتعلَّم منها حتى يكون بيته على نهج هذه البيوت الطيِّبة، وبيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير بيت! فهو أكمل البشر وأحسنهم، وهو (صلى الله عليه وسلم) مُعلِّم الخلق بأقواله، وأفعاله، وأخلاقه، من غير تعنيف أو تنفير، يرحم الصغير ويوقِّر الكبير.
ولهذا جاء كتابُنا ليُبيِّن الجوانب المُهمة في حياة رسولنا (صلى الله عليه وسلم) من خلال واقعه الحياتي في بيته وحُجرات أزواجه الطاهرات الطيِّبات، وذلك عند معاملته (صلى الله عليه وسلم) معهن، والزائرين لديه، والداخلين إليه.
مؤلف كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
صفوان بن عدنان داوودي: ولد سنة 1960م، عالم مقرئ، وفقيه أصولي، ومحقِّق متقن، ومصنَّف مجيد، على مَكِنَة من علوم العربية والحديث.
ولد بدمشق، وابتدأ طلب العلم صغيرًا، حفظ كتاب الله وجوَّده، وحصَّل الفقه والتفسير والحديث واللغة، درس علوم الشريعة الإسلامية في جامعة مراد آباد في الهند، وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من الجامعة الأمريكية المفتوحة بواشنطن، واستقر بالمدينة المنوَّرة وأخذ عن عُلمائها الكثير من العلوم، والآن يقوم بالتدريس والإقراء في الحرم المدني الشريف، وتخرج به عدد من المشايخ في القرآن والقراءات والفقه والأصول والحديث واللغة.
من مؤلفاته:
زيد بن ثابت كاتب الوحي وجامع القرآن.
أُبيُّ بن كعب صاحب رسول الله وسيد القراء في زمانه.
قواعد أصول الفقه وتطبيقاتها.