ما بين القدر واستغلال الفرصة
ما بين القدر واستغلال الفرصة
كان تيمور قوي البنية، طويل القامة، عريض المنكبين، لامع العينين يجذب انتباه من حوله إذا تحدث رغم انخفاض صوته وهدوئه، كما عُرف بكثرة صمته وحبه للوحدة، وكان أيضًا محبًّا لأصحابه، لكن حياة هذا الشاب لم تكن اعتيادية، فقد فكر القائد الصغير في أمرٍ كبير.
بدأ الأمر حينما اختلف تيمور مع عمه “حاجي برلاس” الذي تولى آنذاك زعامة القبيلة، ليقرر تيمور الهجرة إلى بلد يدعى “سالي ساراي”، وفي خطوة جريئة ذهب هذا القائد الصغير إلى مقابلة حاكم سمرقند “كاجان” الذي أُعجب بشجاعته فوضعه تحت التجرِبة، حيث وصل خبر إغارة بعض المرتزقة على الحدود، فأرسل الحاكم “تيمور” على رأس فرقة من الفرسان لصدهم، وبالفعل نجح تيمور في مهمته، فأحاط بالمُغيرين وهزمهم واستولى على غنائمهم، وقد عاد بفرقته منتصرًا فكافأه الحاكم وقربه منه، بل وزوَّجه قريبته الجميلة “الجاي ختون أغا”، كما أهداه رتبة الممباشي، وتعني قائد الألف، ودخل تيمور بذلك ساحة القيادة، وتحت إمرته ألف جندي .
كانت هذه الفترة مليئة بالاضطرابات بالنسبة إلى الحكام المغوليين، فقد مات حاكم سمرقند بمؤامرة، ثم تولى من بعده ابنه الذي لم يُطِق جو المكائد والأطماع فقرر التنازل لاثنين من رؤساء العشائر، وهما “حاجى برلاس” و”بايزيد جالير” اللذان تصارعا على الحكم، لتشتعل الفتنة والحرب الأهلية في سمرقند.
الفكرة من كتاب قاهر العالم تيمُورلنك
في الوقت الذي كان أحفاد جنكيز خان وقادتهم يفسدون في الأرض، ظهر في بلاد ما وراء النهر -أوزباكستان الآن- رجل تتاريٌ مسلم أزعج المغول فهزمهم وقضى عليهم، وبنى مملكةً ضمت روسيا وبلاد ما وراء النهر والعراق والشام، وكما بهر الدنيا فقد فعل الأفاعيل وقتل وسفك دماء المسلمين، ليحتار المؤرخون في أمره إن كان مسلمًا أم ادَّعى الإسلام؛ إنه تيمورلنك.
مؤلف كتاب قاهر العالم تيمُورلنك
السيد فرج: كاتب مصري متخصص في مجال التاريخ.
له عدة مؤلفات أهمها: “جيشنا في فلسطين”، و”حروب محمد علي”، و”وهذه هي الحرب”.