ما بعد تأثير الهالة
ما بعد تأثير الهالة
بينما تتمكن بعض الدراسات من تجنب الوقوع في فخ تأثير الهالة، عن طريق جمع البيانات بطرائق لا تتأثر بمعدل الأداء السابق للشركة، تواجه هذه الدراسات بعض المعوقات الأخرى التي تحول دون وصولها إلى حقيقة الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدل أداء الشركات.
أحد هذه المعوقات هو صعوبة تحديد السبب الحقيقي في عديد من العلاقات في عالم إدارة الأعمال.
ولنضرب مثالًًا بالعلاقة بين رضا الموظف والأداء الجيد للشركة، إذ يصعب تحديد أي الأمرين هو السبب في حصول الآخر، فربما يؤدي رضا الموظف إلى عمله بجهدٍ أكبر، وهو ما ينتج عنه تحسن معدل الأداء في الشركة، وربما تُصرَف مجموعة من الحوافز والمكافآت عند تحسن أداء الشركة، فيحدث رضا الموظف.
كذلك ربما تمثل العلاقة بين رضا الموظف والأداء الجيد للشركة إحدى العلاقات التبادلية التي تتأثر فيها العناصر ببعضها دون أن يكون أحدهما هو السبب في حصول الآخر، إذ ربما يوجد متغيرٌ ثالث هو السبب الحقيقي، كأن يكون السبب وراء الأداء الجيد للشركة هو ابتكار إحدى التقنيات الجديدة التي مكنتها من الحصول على حصةٍ أكبر من الأسواق.
ولا يمكن معرفة السبب الحقيقي وراء عديد من هذه العلاقات عن طريق دراستها في لحظةٍ زمنية محددة، لكن لأن عديدًا من الدراسات في عالم الأعمال تقع في هذا الفخ، تستنتج هذه الدراسات مجموعةً من الاستنتاجات المضللة، ويمكن تجنب الوقوع في هذا الفخ عن طريق دراسة هذه العلاقات في لحظاتٍ زمنيةٍ مختلفةٍ، لمحاولة الوصول إلى الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع معدل أداء الشركات.
وتقع عديد من الدراسات الأخرى في فخ التفسيرات الأحادية للمعطيات، نتيجة التركيز على أحد العوامل المؤثرة في معدل الأداء وإعطائه قدرًًا أكبر من أهميته الحقيقية.
فالدراسات التي تهتم بدراسة أثر الاهتمام بالعميل في معدل أداء الشركة تبالغ في تقدير نسبة مساهمة الاهتمام بالعميل في تفسير معدل الأداء، وينطبق الأمر ذاته على الدراسات التي تهتم بدراسة أثر الاهتمام بالموارد البشرية، أو أثر القيادة في معدل الأداء.
وهذا النوع من الادعاءات لا يمثل أي مشكلةٍ، في حالة أن هذه العوامل منفصلة عن بعضها، لكن ما لا تصرح به الدراسات أن معظم هذه العوامل تتداخل مع بعضها، وهو ما يجعل كلا الأمرين ربما يفسران الشيء ذاته، وأن القوة التفسيرية التي تدعيها الدراسات لكلٍّ منها، هي أحد الادعاءات التي تمت المبالغة فيها.
الفكرة من كتاب تأثير الهالة.. وثمانية أوهام أخرى تضلل المديرين في عالم الأعمال
ينجذب المديرون في عالم الأعمال تحت ضغط تحقيق مزيدٍ من الأرباح إلى الكتب التي تزعم كشف أسرار النجاح في عالم الأعمال، ورغم أنه من الصعب في معظم الأحيان معرفة الأسباب الدقيقة وراء نجاح بعض الشركات وفشل بعضها الآخر؛ نتيجة كثرة العوامل التي تؤثر في أداء الشركات بصورةٍ أو بأخرى، فإن عديدًا من كتب الأعمال تدعي معرفة الأسباب الدقيقة وراء هذا النجاح، وتحتل هذه الكتب قمة الكتب الأكثر مبيعًًا وشهرة.
وعلى الرغم من جميع المزاعم التي تدعيها هذه الكتب، التي من أبرزها الالتزام بالدقة العلمية، فإن القليل منها فقط هو ما يقدم إجاباتٍ حقيقية يمكن الاعتماد عليها نتيجة وقوع الدراسات التي تعتمد عليها هذه الكتب في كثير من الأوهام المضللة.
يحتوي هذا الكتاب على التعريف بهذه الأوهام المضللة، التي تجعل المهتمين بعالم الأعمال يعتقدون بعديد من الأحكام غير الدقيقة حول الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدل أداء الشركات.
مؤلف كتاب تأثير الهالة.. وثمانية أوهام أخرى تضلل المديرين في عالم الأعمال
فيل روزنتسفيغ : درس روز الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة كاليفورنيا، ثم نال شهادة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا، وعمل أستاذًًا في كلية هارفارد للأعمال لمدة ست سنوات، ثم عمل بعد ذلك أستاذًًا في المعهد الدولي للتطوير الإداري الموجود في سويسرا، له عديد من الخبرات في التعامل والتعاون مع الشركات الرائدة المتعددة الجنسيات في مسائل وضع الاستراتيجيات والتنظيم.
من مؤلفاته:
Left Brain, Right Stuff: How Leaders Make Winning Decisions.