ما بعد انقلاب الرابع عشر من يوليو 1958م
ما بعد انقلاب الرابع عشر من يوليو 1958م
عندما استيقظت الأميرة بديعة وأسرتها صباح يوم 14 يوليو 1958م على أصوات دوي آتية من جهة قصر الرحاب، حاولت الاتصال بالقصر أكثر من مرة للاطمئنان على أسرتها، وبعد محاولات عدة اتصل بها الملك فيصل الثاني ليسألها إن كانت بحاجة إلى الحرس، فلما أجابت بالنفي وسألت عن أحوالهم طلب منها أن تفتح المذياع لتعرف ما حدث، وهنا فهمت الأميرة أن انقلابًا عسكريًّا قد تم.
بعد قليل سمعت الأميرة وزجها المرافق “ثامر خالد الحمدان” يبكي ويصرخ بهما للخروج مرددًا “اخرجا سوف يأتون إليكما” ثم أخبرها بأن الانقلابيين قد قتلوا العائلة كلها فانهارت الأميرة تبكي وتلطم، ولكن الأميرة في الواقع لم تعرف بالتحديد كيفية مقتل عائلتها ولا مكان دفنهم إلا بعد 40 عامًا، فقد أخفى زوجها الشريف حسين عنها كل ما يمكن أن تعرف من خلاله مراعاة لمشاعرها، حتى قرأت الأميرة كتاب “التاريخ يكتب غدًا” وتأكدت من صحة ما نشر فيه من ولدها الشريف محمد.
أما عن قادة الانقلابيين، فقد أعدم “عبد الكريم قاسم” بعد أربع سنوات ونصف في 9 فبراير 1963م بيد رفقائه. أما “عبد السلام عارف” فقد احترق في حادث طائرة بعد ثلاث سنوات أخرى. أما قاتل العائلة ” عبد الستار العبوسي” فقد انتحر فيما بعد، وقد قتل في هذه المذبحة على يده: الملكة نفيسة، الأميرة عبدية، الأمير عبد الإله، الملك فيصل الثاني وكلهم من العائلة المالكة. أما عن من قتل من غير العائلة فهم: ربيب الأميرة عبدية من الخدم واسمه عبد الرازق، وهندي صاحب مكوى كان قد لجأ للقصر للاحتماء بالعائلة، ومرافق الأمير عبد الإله ثابت يونس وآخرون.
الفكرة من كتاب مذكرات وريثة العروش
في عام 1882م عين الشريف عون أميرًا على مكة المكرمة من قبل الدولة العثمانية ونقل أخوه الشريف عبدالإله باشا إلى إسطنبول وفقًا لسياسية الدولة العثمانية. بعد 9 سنوات من تعيينه في 1891م، استدعت الدولة العثمانية ملك العرب الشريف الحسين بن علي إلى إسطنبول للحد من نشاطه ضد عمه الشريف عون أمير مكة المكرمة وهناك تزوج أبناؤه الثلاثة، فتزوج الملك فيصل الأول والملك عبد الله من بنات عمهم حزيمة ومصباح وتزوج الملك الشريف علي بن الحسين من الملكة نفيسة ابنة الشريف عبد الإله باشا في 1906م.
ولد للملك الشريف علي بن الحسين والملكة نفيسة أربع فتيات هن الأميرات عبدية وعالية وبديعة وجليلة، بينما رزقا بولد واحد هو الأمير عبد الإله. لم تتزوج الأميرة عبدية حتى وفاتها عن عمر 50 عامًا، بينما تزوجت الأميرة عالية من ابن عمها الملك غازي وتزوجت الأميرة جليلة من ابن خالها الشريف حازم بن سالم أما الأميرة بديعة فتزوجت من الشريف حسين بن علي في 1950م فأنجبت ثلاثة أبناء هم محمد وعبدالله وعلي، فكانت هذه الأسرة من العائلة الملكية العراقية هي من نجت من مذبحة قصر الرحاب عام 1958م. من هنا تأتي أهمية هذه المذكرات التي نقلها المؤلف فائق الشيخ علي على لسان الأميرة بديعة بنت علي بن الحسين بعدما أقنعها أن تروي قصتها بقوله “لا يصح أن تظل الوقائع والأحداث حبيسة صدر لا يعلم متى سيرحل عن هذا العالم الغريب”.
مؤلف كتاب مذكرات وريثة العروش
فائق الشيخ علي هو محامٍ وسياسي عراقي، من مواليد النجف عام 1963. درس في كلية القانون والسياسة بجامعة بغداد وبدأ منذ تخرجه بدعم الدعوات الشعبية لإقامة دولة عراقية مدنية دون انتماءات قومية أو دينية.
كان فائق الشيخ علي من المعارضين لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، مما اضطره إلى اللجوء إلى المملكة العربية السعودية ثم إيران وأخيرًا بريطانيا حيث عاش حتى سقوط نظام صدام حسين. في ما بعد أصبح فائق الشيخ علي عضوًا برلمانيًّا في العراق في انتخابات عامي 2014 و2018 وهو كذلك الأمين العام لحزب الشعب للإصلاح.
نشر فائق الشيخ علي العديد من الأعمال الصحافية وعدد من الكتب مثل “مقالات في المنفى”، “اغتيال شعب” و”مذكرات وريثة العروش”.