ما بعد الثورات
ما بعد الثورات
يشير الكاتب إلى ضرورة المصالحة الوطنية مع المختلفين والمنتقدين، وكل من أخطأ يحاكم محاكمة عادلة فلا ينبغي أن تكون الثورة ثورة قتل وتصفية حسابات حزبية وتنكيل وإقصاء، كما يجب تحكيم العقل وعدم الانسياق وراء عاطفة الانتقام والإعدام، وطيّ صفحات الماضي مع الاعتبار منها وفتح صفحات جديدة مع الكل، ويعبر المؤلف عن ذلك بمقولته “إن الثورة تَجبُّ ما قبلها”، وللثورات سمعة عالمية تنشأ بنجاحها ويجب الحفاظ عليها.
ومكاسب الثورة يجب أن تتقاسمها جميع التيارات والأحزاب بغض النظر عن أي سوابق أو أحداث تاريخية سابقة، وذلك يدعم روابط الوحدة والجمع بينها، وهي مكتسبات كثيرة أهمها الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد المالي والإداري والتنمية الشاملة للصحة والتعليم والإعلام وتنمية منظومة الأخلاق والقيم.
ويكون التوافق والشورى هما الحل السحري لعبور أية خلافات لأن تلك الخلافات يستغلها الأفراد والأحزاب الأكثر تنظيمًا ويحلوا محلَّ التفكك وتبدأ دورة جديدة من الديكتاتورية، ومن أشهر الأمثلة على ذلك نابليون في فرنسا والبلاشفة في روسيا، ذلك الاستغلال يُعرَف بسرقة الثورات، والترتيب الزمني لهذه العملية يحدث ببطء شديد حيث يكون في البداية وفي أثناء الثورة، فالكل متفق على مطالب محددة جوهرها إسقاط الاستبداد، ثم بعد سقوط النظام الديكتاتوري يتمايز الناس كلٌّ حسب أيديولوجياته وأفكاره، ففي تلك الفترة تحدث الفُرقة والتشرذم، فإذا لم يتم استيعاب تلك الخلافات سريعًا وتجاوزها تهيج القلوب وتطمع النفوس في الانفراد بالحكم، ويمكن ببساطة تقليص نسبة حدوث ذلك بتحديد جدول زمني واضح يتم التوافق فيه على الخطة الشاملة العامة والتفصيلات التي تنظِّم تلك الخطة وتُترك الأمور التنافسية إلى آخر الخطة الزمنية مثل التنافس على الحكم بحيث يتم إعداد بناء قوي يمهِّد لما هو قادم من صِعاب.
وكما أن هناك سرقة الثورة من أحزاب وفصائل الداخل، فهناك سرقة من الخارج حيث تستغل الدول العظمى تلك الحالة من الفوضى وتُظهِر خلاف ما تُبطِن حيث تدَّّعي دعم الديمقراطية ودعم الشعوب المضطهدة وفي باطنها تدعم أي نظام مستبد يحافظ على مصالحها.
الفكرة من كتاب أسئلة الثورة
تعد الثورات نتاج تراكمات زمنية طويلة من الأسباب، وردة فعل احتجاجية تعبيرًا عن الغضب من نظام استبدادي قمعي غالبًا أو نظام فاشل اقتصاديًّا أنهك الشعب ماديًّا، وعجز عن تطبيق برنامجه الإصلاحي الاقتصادي وأوجد فجوة طبقية في المجتمع يصعب تحملها..
يقدم الكاتب شرحًا وافيًا لطبيعة الثورات ومفهومها وأسبابها من منظور إسلامي، ويعرِّف الثورة انطلاقًا من مفاهيم شرعية وآراء متباينة للفقهاء تتفق تارةً وتختلف تارةً أخرى، كما يرد على أسئلة كثيرة منها التشكيك في أن الإسلام يصلح منهجًا يمكن تطبيقه بعد نجاح الثورات، وما تثيره التيارات الأخرى من تساؤلات ومخاوف من الإسلام السياسي، وفي النهاية يستعرض كيفية التعامل بعد النجاح وعدم تضييع النصر بالفرقة والخلافات.
مؤلف كتاب أسئلة الثورة
سلمان العودة: داعية إسلامي وأستاذ جامعي ومفكر سعودي، ولد عام ١٩٥٦، حصل على درجة الماچستير ثم الدكتوراه في السُّنة، كان دائم المطالبة بالإصلاح والتجديد والدفاع عن الإسلام.
له مؤلفات عديدة في الفكر والدعوة، أهمها: “من وسائل دفع الغربة”، و”معركة الإسلام والعلمانية”، و”من أخلاق الداعية”، و”تحية الشعب المقاوم”.