ما بداخلك
الاعتناء بالنفس لا يُعبِّر بالضرورة على الحب الشديد للذات حد الوصول إلى النرجسية، بل إن الإنسان لن يعي العالم من حوله إلا إذا اعتنى بنفسه، وبعض أنواع الزهد يصل بالإنسان إلى السكينة المحبَّبة التي يدرك فيها نفسه واهتماماته وما يحب وما يكره، وإصلاح النفس وتجديدها يكون عن طريق العناية بالنفس كذلك، والتخلُّق بالتواضع والتحرُّر من بذخ الحياة والبُعد عن المبالغة والتكلُّف فيه تطوير ذاتي، وضبط النفس ومحاسبتها والمحافظة على صحة العقل والجسد كذلك، سعي الإنسان للكمال يكون دائمًا عن طريق إصلاح النفس وفي ذلك كله ليس بنرجسية على الإطلاق، فكما قال سينيك للوسيليوس: “إذا كان كل ما أقوم به من عمل يصبُّ في مصلحة شخصي، فذلك لأن ما أعيره لشخصي من اهتمام يسبق كل شيء”، والمصلحة الشخصية فيها نفع كبير للنفس وكذلك القليل من الأنانية”.
ويقول الكاتب: “البيئة الداخلية عبارة عن جهد داخلي يقود النفس نحو الكمال، وهذا ما نسميه الجهد الروحي”، والبيئة الداخلية للإنسان تبدأ من الذات والذهن، لذا علينا أن نزوِّدها دائمًا بالجمال والسكينة والهدوء والراحة لكي تقابل القتل والعنف والمخاوف التي تُبث في التلفاز أو من حولنا في العالم لأن كل ذلك له تأثير سلبي في النفس دون وعيٍ منا، فتجد نفسك مُصابًا من مخاوف ما أو قلق أو انفعالات عصبية، وذلك بسبب كمِّ المشاعر السلبية والمخاوف التي تمتصُّها من حولك، فكل هذه الأمراض ما هي إلا سموم داخل أجسامنا تهاجمها وتأخذ من أرواحنا، كما يظهر ذلك في قلة التركيز وزيادة القلق وشحوب الوجه وزيادة التجاعيد، وهناك أيضًا الخوف المرضي والخوف من الزمن وهذا يسبب الشيخوخة المبكرة، لذا علينا المحاولة في التخلص منها ومقاومتها عن طريق تناول طعام صحي، وممارسة الرياضة، والعناية بالجسم، أخذ قسط كافٍ من النوم، فحدِّدي أيامًا معيَّنة للصوم، والتمشية وسط الطبيعة الخضراء للاسترخاء، والابتسام والتفاؤل للحياة، واعلمي أن كل شيء يُعكس على وجهك وجسدك ما هو إلا ناتج من فكرك، ولذا يجب عليك الاهتمام بعقلك وأفكارك.
الفكرة من كتاب فن البساطة
من آفات العصر الحديث وقوع المجتمع في فخِّ الاستهلاكية المبالغ فيه والإفراط، ونشأت المجتمعات الحديثة بأفرادها على هذه الأفكار حتى أصبحت سمة الحياة العامة، وبشكل خاص مجتمع النساء أصابته لعنة المبالغة والإفراط في الراحة والاستهلاكية، لكن تجد الكاتبة أن فضولها نحو المثالية دفعها لتكتشف حياة أخرى بسيطة في دولة مثل اليابان حتى اتصف نمط الحياة هناك بالبساطة والهدوء، حيثُ كما قالت الكاتبة عن التفكير الياباني بأنه “تقبُّل الحياة كما هي، دون السعي لمعرفة تفسير كل شيء وتحليله؛ تفحصه ونقده، وباختصار العيش على طريقة زن (هو فن الرسم بالألوان المائية)”، تأخذنا في رحلة حول اليابان ومفهوم البساطة التي جعلتها تحيا حياة بسيطة عظيمة، وتوضيح نقاط مهمة مثل المادية وكيفية الاكتفاء بالقليل ومعايير الأخلاق والجمال وغيرها.
مؤلف كتاب فن البساطة
دومينيك لوروا: كاتبة مقالات فرنسية تعيش في اليابان منذ أواخر السبعينيات، حيث تقدم ندوات لأولئك الذين يريدون تبسيط حياتهم، أصبحت معروفة بفضل كتابها “فن البساطة”، الذي نُشر عام 2005، تقول: “أنا لست كاتبة على الإطلاق”، فعندما بدأت في تأليف كتابها من ملاحظاتها الشخصية، كانت بعض المقاطع تستهدف النساء على وجه التحديد، والبعض الآخر إلى الرجال.
ولها عدة مؤلفات أخرى منها: “فن الجوهر: التخلص مما لا لزوم له لإفساح المجال لنفسه”، و”فن القوائم: تبسيط حياتك وتنظيمها وإثراؤها”، و”فن التوفير والسرور”، و”القليل اللامتناهي”.
معلومات عن المُترجمة:
الدكتورة لينة موفق دعبول: سورية الجنسية، وطبيبة تغذية، وألَّفت عدة كتب منها: “النوم والأحلام”، و”أساسيات في التغذية والحميات”، وترجمت “نصائح للأم بعد الولادة”.