ما النثر؟
كل ما هو ليس بشعر، فنثرًا يكون، والنثر الذي نعنيه يخضع لقوانين معينة ويلتزم بالعناصر المكوِّنة له من نحو وصرف وحُسن العرض والصياغة وتنظيم الأفكار، ومنه ما يكون عماده اللسان كالخطابة، ومنه ما يكون عماده القلم ويُسمَّى الكتابة الفنية، وهذه الكتابة الفنية يقسِّمها الكتَّاب الأوروبيون بحيث إما أن تُكتب بأسلوب وصفي أو قصصي أو يمتزجان معًا.
أما كتَّاب العرب فقد جعلوها على أربعة أنواع؛ أولها الرسائل، ومنها العامة والرسمية وقد عُرِفت منذ العهد النبوي الشريف إلى أن صارت فنًّا اختص به جماعة فرغوا له في العصر الأموي، ومنها كذلك الإخوانيات التي تكون بين اثنين أو الرسائل غير الرسمية كرسائل الجاحظ والخوارزمي، وثانيها القصص وعَنيت بها آداب الأمم كلها، وهي على ضربين: قَصص واقعي يصف القاص ما شاهده، والآخر قَصص خيالي لضرب الأمثال أو التسلية، أما القصَّة في الأدب الغربي فمنها النوادر والأقصوصات القصيرة التي لا تتجاوز بضع صفحات، ومنها القصة القصيرة التي تركز على فكرة واحدة، وكذلك منها الرواية التي قد تبلغ مجلدات على اختلاف أنواعها، أما ثالث أنواع النثر عند العرب فهي المناظرات، ويعنينا منها المناظرات الأدبية بالتحديد، وتكون إما مناظرات حقيقية كمناظرة بديع الهمذاني والخوارزمي أو متخيلة من أجل تبيين رأيين مختلفين كمناظرة صاحب الديك وصاحب الكلب في كتاب (الحيوان) للجاحظ، ورابعها بعض كتب التاريخ، فلا يُعد كل كتاب تاريخ أدبًا، بل يشترط لعدهِ ضمن الأدب ألا يكون مجرد سرد للأحداث والوقائع، بل يُدخِل المؤرخ فيها تقريره ونقده ونظره، ويُحسِن صياغة كتابه صياغة عاطفية، ومن ذلك مثلًا كتاب (حماة الإسلام).
الفكرة من كتاب التوجيه الأدبي
من اليسير علينا أن نقرأ عملًا أدبيًّا خالصًا، ولكن الأعمال الأدبية لا تقدِّم لنا تعريفًا لما هو الأدب، ولا تُعرِّفنا بتاريخه وعوامل نشأته ومراحل تطوُّره، فما الأدب؟ وما موضوعاته؟ وما علاقته بالعلوم الأخرى كالفلسفة والتاريخ؟ وبمَ يتأثَّر الأدب وفيمَ يؤثِّر؟ وكيف اتصلت الآداب بعضها ببعض؟ يُعد “التوجيه الأدبي” مدخلًا للإجابة على كل هذه التساؤلات ووجبة معرفية في الأدب والدراسات الأدبية، ومادة ثرية للمثقف العربي وطالب الأدب على حدٍّ سواء.
مؤلف كتاب التوجيه الأدبي
طه حسين: أديب ومفكر وناقد مصري، وُلد في نوفمبر ١٨٨٩م وحصل على درجة الدكتوراه عام ١٩١٤م، ومن آثاره: “الأيام”، و”مرآة الإسلام”، و”حديث الأربعاء”، و”قادة الفكر”، و”دعاء الكروان”.
أحمد أمين: أديب مفكر ومؤرخ، وُلد بالقاهرة 1886م، وعمِل عميدًا لكلية الآداب بجامعة القاهرة، ومن أشهر مؤلفاته: “فجر الإسلام”، و”فيض الخاطر”، وترجم كتاب “مبادئ الفلسفة” لرابوبرت.
عبد الوهاب عزام: أديب ودبلوماسي مفكِّر، جمع بين ثقافته الإسلامية والعربية ومعرفته باللغات الفارسية والتركية والأُردية، ودافع عن العربية وتراثها، وكان ميلاده سنة ١٨٩٤م لأسرة مناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي، وحصل على شهادة الليسانس في الآداب والفلسفة عام ١٩٢٣م وتولَّى عمادة كلية الآداب، ومن مؤلفاته: “الشوارد”.
محمد عوض محمد: عالم جغرافي وأديب، نال جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية عام ١٩٥٢م، وعمل مديرًا لجامعة الإسكندرية، ومن كتبه: “بين الشرق والغرب”، و”فن المقالة الأدبية”، وترجم بعض أعمال شكسبير.