ما الذاكرة؟
ما الذاكرة؟
ساد اعتقاد قديم بأن الإنسان يتذكَّر كل ما يحصل له، ولعلَّ هذا الاعتقاد يحمل من الصحة نسبة معقولة، إلا أن الأمر أكبر من ذلك، إذ إن الإنسان يستخدم ذاكرته في كل شيء يفعله يوميًّا، بدءًا من المشي والحركة والتعلم والقراءة والكتابة، ومن الأشياء الحديثة التي اكتشفت أن آلية عمل ذاكرة الإنسان تتشابه إلى حدٍّ كبير مع طريقة التخزين في أجهزتنا الذكية، فعلى سبيل المثال: إذا كنت تريد أن تحفظ في ذاكرتك بعض المعلومات المتعلقة بشأن حدث ما، فأنت أولًا تستوعب المعلومات وتسردها (تشفير المعلومات)، ومن ثم يبدأ العقل في تخزين تلك المعلومات في الذاكرة، وفي حالة الحاجة إلى استرجاع المعلومة يتولَّى العقل هذه المهمة بكفاءة، وباختلاف أنواع المعلومات التي يجب تخزينها، يختلف نوع الذاكرة المستهدفة، ويصنِّف العلماء أنواع الذاكرة إلى عدة أنواع، ومن أهمها المخزن الحسي الذي يعمل على تجميع البيانات من الحواس الخمس بشكل دقيق، إذ تشمل كل حاسة ذاكرة خاصة بها (الذاكرة السمعية، الذاكرة البصرية، الخ)، ومن بعدها تنتقل تلك المعلومات إلى الذاكرة القصيرة الأجل، ويشبه هذا النوع من الذاكرة قرصًا صلبًا ذا سرعة كبيرة ولكن بمساحة صغيرة، وعادةً ما يستخدم المخ هذه الذاكرة من أجل الاحتفاظ بالمعلومات التي يحتاج إليها في الوقت الراهن ثم سينساها لاحقًا، أما إذا تكرَّر ذكر تلك المعلومة أكثر من مرة، فستنتقل مباشرة إلى الذاكرة الطويلة الأجل، والتي نحتفظ فيها بتواريخ ميلادنا، وأسمائنا وهويَّاتنا، وعنوان المنزل أو عنوان العمل وغيره، وهناك أيضًا الذاكرة الصريحة والذاكرة الضمنية اللتان تعملان بشكل متعاكس، إذ إن الذاكرة الصريحة تعرف بأنها تلك التي تتضمَّن المعرفة الواعية، في أثناء وقت التذكر، بالمعلومة أو التجربة أو الموقف المطلوب تذكره، كما توجد أشكال عديدة من السلوك المتبع في أثناء التعامل مع الذاكرة، وهذا يرجع إلى أننا يوميًّا نتعرَّض إلى كم هائل من المعلومات، ونشفر المهم منها فقط لنقله إلى الذاكرة القصيرة الأجل، ومن ثم فإن المعلومات التي نكررها أو الأكثر أهمية تنتقل بالتبعية إلى الذاكرة الطويلة الأجل.
الفكرة من كتاب الذاكرة.. مقدمة قصيرة جدًّا
لطالما كانت الذاكرة وآلية عملها وتكوينها محط اهتمام وأنظار المجتمع العلمي بأسره، ولعلَّ ذلك بسبب الحيرة الكامنة وراء عدم معرفة السبب الحقيقي وراء نسياننا لأشياء قد تكون حصلت خلال اليوم ونذكر أشياء حصلت منذ عقود، هل نستخدم ذاكرتنا في تذكُّر الأشياء فحسب أم أن للذاكرة استخدامات أخرى؟ وكيف نسترجع الأحداث من ذواكرنا، والأهم من ذلك كيف تعمل الذاكرة وكيف تخزن أدمغتنا المعلومات؟ وما مرض فُقدان الذاكرة؟ وماذا عسانا أن نفعل من أجل تقوية ذاكرتنا؟
مؤلف كتاب الذاكرة.. مقدمة قصيرة جدًّا
جوناثان كيه فوستر: عالم وأستاذ في مجال علم النفس العصبي السريري وعلم الأعصاب السلوكي، يشغل حاليًّا مناصب متعددة، من بينها: زميل أبحاث أول في علم الأعصاب المعرفي بجامعة «إديث كوان» بأستراليا، وأستاذ أبحاث في علم النفس العصبي بجامعة غرب أستراليا، لديه عيادة طبية قائمة تقدم استشارات لمرضى فقدان الذاكرة ومن يعانون أنواعًا أخرى من الخلل الإدراكي.
معلومات عن المترجمة:
مروة عبد السلام: تخرَّجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن عام ٢٠٠٥م، وبدأت حياتها المهنية مترجمةً ومحررةً في صحف يومية ودور نشر معروفة، كما فازت في عدد من المسابقات الأدبية، منها: مسابقة “قصص على الهواء” التي تقدمها إذاعة “بي بي سي”، ولها مساهمات في مجلات وصحف مرموقة، كما ترجمت العديد من الكتب، وتشغل الآن منصب مدير التحرير بإحدى دور النشر الكبرى.
ومن الكتب التي ترجمتها: “اللاسلطوية” لكولين وارد، و”الذاكرة” لجوناثان كيو فوستر، و”أقمار المشترى” لأليس مونرو.