ما الآلات الجزيئية؟
ما الآلات الجزيئية؟
الآلات الجزيئية هي الآلات التي تُصنَع في أجسادنا للقيام بمهام حيوية محددة، بدقة وكفاءة عالية. وتُصنع هذه الآلات من الذرات، وخلايانا تؤدي معظم وظائفها بستة أنواع من الذرات فقط، هي الكربون والأكسجين والنيتروجين والكبريت والفوسفور والهيدروجين، ومع أن الذرَّات محدودة الأشكال والأحجام وترتبط بعضها ببعض بطرقٍ محدودة أيضًا، فإننا مع ذلك نجد تنوُّعًا كبيرًا في الآلات الجزيئية التي تُستثمر فيها المواد الخام المحدودة بأفضل طريقةٍ ممكنة، وكما تُبنى الآلات المألوفة في حياتنا اليومية من مواد مثل الخشب والبلاستيك والزجاج، فإن الآلات في الخلايا الحية تُبنى على مستوى النانو من أحماض نووية وبروتينات ودهون وسكر متعدِّد تختلف خواصها الكيميائية وتتكامل.
وللأحماض النووية دور محوري في العمليات الحيوية الخلية، فاختصاصها هو تشفير المعلومات باستخدام التكامل الكيميائي بين سلاسل النيوكليدات الطويلة، فتخزن الجينوم الذي يحمل المعلومات الخاصة بكيفية بناء البروتينات والوقت المناسب لبنائها وكل المعلومات الوراثية الضرورية لحياة الخلية، والتي تنتقل عبر الأجيال، وتُبنى الأحماض النووية بصورتين في الخلايا هما DNA (الحمض النووي الريبي المنزوع الأكسجين) الذي يعد مخزن المعلومات الأساسي، وRNA (الحمض النووي الريبي) الذي يُستخدم لمعالجة المعلومات بشكل مؤقت.
أما البروتينات فتعمل طوال الوقت في كل أنحاء الخلية، بآلاف الأشكال والأحجام، تؤدي مهام مختلفة وتحفِّز التفاعلات الكيميائية، وتُبنى من 20 حمضًا أمينيًّا تتنوَّع في الأحجام والخصائص الكيميائية بتتابعات مختلفة ينتج عنها تنوُّع كبير، وبعض البروتينات صغير كهرمون الجلوكاجون الذي يُبنى من 29 حمضًا أمينيًّا فقط، وبعضها ضخم مثل التيتن الذي يُبنى من أكثر من أربعة وثلاثين ألف حمض أميني، وتُحطِّم الخلايا 20 إلى 40 بالمئة من البروتيمات بعد إتمام مهمتها خلال ساعة واحدة أو ربما دقائق.
أما الدهون فهي مركبات ضئيلة في صورتها المنفردة تتكوَّن من رأس محب للماء وذيول كارهة له، لكنها تجتمع لتشكِّل أكبر المركبات في الخلايا كطبقة دهنية مزدوجة ذيولها تجاه المركز ورؤوسها تواجه الماء، تُشكِّل أغشية مرنة متحرِّكة سائلة، وفي الوقت نفسه هي حائط منيع يحفظ مكوِّنات الخلية ويمنع مرور المياه والمعادن إلا من خلال بروتينات متخصِّصة فيه.
وأما السكريات العديدة فهي سلاسل طويلة متفرِّعة مغطَّاة بمجموعات الهيدروكسيل (OH) تُخزِّن الطاقة، وتستخدم في بناء تركيبات طرية مثل الُمخاط وأخرى قوية مثل السيليلوز في الأخشاب.
الفكرة من كتاب آلات الحياة
هل فكَّرت من قبل في حجم الخلية؟ إنها أصغر ألف مرة من مفصل إصبعك الصغير، أي كحبة أرزٍ بالنسبة للغرفة التي تجلس فيها، وفي إصبعك بليون خلية، كبليون حبة أرز تحتاجها لملء غرفتك!
وفي داخل الخلية الحية، هناك عالم غير مرئي تملؤه العجائب؛ آلاتٌ دقيقة الحجم من الذرات والجزيئات يختلف تأثُّرها بالجاذبية والضغط وغيرها من العوامل اختلافًا كبيرًا عما ألفناه، وتعمل بكفاءة ودقة عالية في عالمٍ مزدحم وسريع، فما قصة تلك الآلات؟ وما العمليات التي تؤديها؟ وما قصة الفيروسات؟ وماذا عن الفيتامينات والسموم والعقاقير؟ هذا ما سنعرفه من خلال جولةٍ داخل الخلايا الحية المختلفة يأخذنا فيها هذا الكتاب.
مؤلف كتاب آلات الحياة
ديفيد س. جودسل: ولد عام 1961، وهو أستاذ مشارك في البيولوجيا الجزيئية بمعهد أبحاث سكربس Scripps Research Institute بكاليفورنيا، وأستاذ باحث بجامعة روتجرز Rutgers University في نيو جيرسي، كما أنه أحد مطوِّري برنامج AutoDock الذي يُعد من أشهر البرامج المستخدمة في الالتحام الجزيئي Molecular docking، ومعروف باستعمال مهاراته في الرسم وبرامج الحاسوب لعمل لوحات تجمع بين الإبداع والدقة العلمية، وله اهتمام بتبسيط العلوم لغير المتخصصين والطلاب والباحثين المبتدئين؛ فألَّف كتبًا في ذلك، منها:
Atomic Evidence: Seeing the Molecular Basis of Life.
Bionanotechnology: Lessons from Nature.
Our Molecular Nature: The Body’s Motors, Machines, and Messages.
والكتاب الذي بين أيدينا: آلات الحياة The Machinery of life.
معلومات عن المترجم:الدكتور وليد محمود الشارود: أستاذ مساعد بكلية الزراعة جامعة المنصورة، حصل على الدكتوراه في فسيولوجيا الميكروبات وميكروبيولوجيا الأغذية من جامعة ريدنج ببريطانيا، وكتب العديد من المقالات العلمية المبسَّطة بالعربية، وهو أحد مترجمي مجلة العلوم العربية، ورئيس تحرير البيولوجيا والعلوم الحيوية بمجلة التقدُّم في العلوم – Science progress التي تصدر في بريطانيا منذ أكثر من مئة عام.