ماهية الإهمال العاطفي
ماهية الإهمال العاطفي
لا تحتاج تربية طفل سعيد وبصحة جيدة إلى معلم أو قديس أو الحصول على دكتوراه في علم النفس، وإنما يحتاج الأمر إلى تواصل عاطفي، وتعاطف واهتمام مستمر من الوالدين لدعم نمو الطفل وتطوره، حتى ينمو ليصبح راشدًا متماسكًا عاطفيًّا، وإن لم يفعل الوالدان ذلك يعاني الابن عاطفيًّا في سن الرشد.
ومع الأسف، هذه المعاناة لا تتضح أسبابها لأصحابها لأن الإهمال العاطفي نادرًا ما تكون له علامات مادية، فقد يمنح الوالدان بيتًا جميلًا ويوفران الطعام والملابس ولا يُسيئان معاملة ابنهما لكنهما يفشلان في ملاحظة مشكلاته مثلًا، وحين يصبح راشدًا يتألم، ويعتقد أن المشكلة فيه لأنه يرى طفولته مثالية، ولا يدرك أن والديه قد خذلاه.
الحقيقة أن جميع الآباء والأمهات الجيدين مذنبون بارتكاب خطأ عاطفي ما مع أطفالهم، فلا أحد كامل، ونشعر جميعًا بالتعب والملل والحيرة، لكن لا يعني ذلك أن الآباء والأمهات كلهم مُهمِلون عاطفيًّا، فالوالدان المُهمِلان عاطفيًّا يفعلان شيئين: إما أنهما يخذلان الطفل عاطفيًّا بطريقة حرجة في لحظة أزمة، مما يتسبب في إصابته بجرح عميق، أو أنهما بوجه عام لا يشعران بحاجاته ورغباته.
وهكذا يختل الارتباط الأساسي الأول الذي يُفترض أن ينشأ بين الآباء وأطفالهم، ولتجنُّب ذلك يجب على الوالدين تلبية ثلاثة معايير: أولاً: يجب أن يكون هناك ارتباط عاطفي بينهما وبين أطفالهما. ثانيًا: يجب أن يعاملا أطفالهما كأفراد مستقلين عنهم، وأن يهتما بهم. ثالثًا: يجب أن يستجيبا بشكل مناسب لاحتياجات أطفالهما العاطفية المختلفة. وعلى الرغم من أن هذه المهارات تبدو بسيطة، فإنها مُجتمعة تُعد أداة قوية لمساعدة الطفل على التعرف على نفسه، والتعامل معها لإنشاء رابطة عاطفية تحمله إلى مرحلة الرشد، ومن ثم يتمكّن من مواجهة العالم بصحة عاطفية ويُحقق السعادة.
ويكمن خطر الإهمال العاطفي الحقيقي في أن مرتكبيه أشخاص جيدون يحبون أبناءَهم ويفعلون كل ما في وسعهم من أجلهم، لكنهم من دون قصد ينقلون إليهم أنماطًا ضارة، إذ ينتقل الإهمال العاطفي من جيل إلى جيل.
الفكرة من كتاب السير بلا وقود: التغلب على الإهمال العاطفي في الطفولة
ماذا تتذكر من طفولتك؟ الحقيقة أن ما تتذكره لا يهم، فلا يتناول هذا الكتاب ما حدث في طفولتك سواء أكان إيجابيًّا أم سلبيًّا، بل يساعدك على إدراك ما لم يحدث، فما لم يحدث له تأثير في تكوينك وأنت راشد بقدر تأثير الأحداث التي تتذكرها، وربما أكثر.
ويُقصد بذلك قوة الإهمال العاطفي، فهي قوة غير مرئية إلا أنها ذات تأثير كبير، ويُقدم هذا الكتاب ما يكفي من المعلومات حتى تعرف ما إذا تعرضت إلى هذه القوة غير المرئية، وكيفية التغلب على ذلك إن حدث.
مؤلف كتاب السير بلا وقود: التغلب على الإهمال العاطفي في الطفولة
جونيس ويب: طبيبة نفسية وكاتبة أمريكية، حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي، ولديها عيادة علاج نفسي خاصة مُتخصصة في علاج الإهمال العاطفي لدى الأفراد والأزواج والعائلات.
ومن أعمالها:
لا سير بلا وقود بعد اليوم: تعديل العلاقة بالشريك والوالدين والأبناء.
العيش دون وقود عاطفي.
كريستين موسيلو: طبيبة نفسية أمريكية، تعمل في عيادة خاصة بـ”مَاسَاتْشُوستس | Massachusetts”، شاركت جُونِيسْ وِيب في كتابة “كتاب العيش دون وقود عاطفي” بالإضافة إلى الكتاب الذي بين أيدينا.
معلومات عن المترجم:
عبد المقصود عبد الكريم: شاعر ومترجم واستشاري طب نفسي مصري، وُلد في قرية “طَنَامِل” بمحافظة الدَّقَهْلِيَّة في أول يونيو ۱٩٥٦م، ويعمل رئيسًا لقسم الطب النفسي بمستشفى المَطَرِيَّة التعليمي.
ومن ترجماته:
الإنسان والبحث عن المعنى.
الموت والاحتضار.