ماهية الأسرة
ماهية الأسرة
إن مصطلح الأسرة مفهوم واسع وشامل أكثر مما في استطاعتنا التحدُّث عنه بشمولية تامة، لكن الأسرة هي مجموعة أفراد ينتمون إلى نسب ودين واحد ومحبة بينهم فُطِروا عليها، وأخرى ازدادت بالعشرة والتعامل، فالأسرة اليوم بمفهومها الحديث منزوعة الحُب الفطري – للأسف- منزوعة التجمُّع والتفاهم، حتى العادات التي يجتمع عليها الجميع من قبل أصبحت مضطربة وغريبة، فليس هناك اجتماع على طعام ولا صلاة ولا مناسبات رسمية أو غير رسمية، حتى الاحترام المتبادل وأفكار المشاركة الأسرية أصبحت مشكلة كبرى، والكل يميل أكثر إلى تصوُّر المجتمع الغربي حول الاستقلالية والفردانية المنزوعة من واجبات أسرية وحُب فطري متبادل.
فالأسرة المسلمة من المفترض لها اجتماع ببيت العائلة بمختلف أنواع الأبناء حتى ولو اختلفوا فكريًّا، لكن الترابط بينهم لا يُنزع، الآن تجد الأخ يكره أخاه ويكيد له، وليس هناك بين أفراد الأسرة الواحدة حديث واحد يتبادلونه أو فكرة يتفقون عليها، أو مائدة طعام يجتمعون حولها، بل والأدهى أن التنافس في إعلان الكره للوالدين والإخوة أو التعدِّي بالقول والفعل عليهم أيضًا قد أصبح هو المتداول، ولربما هذا لعدم وجود غاية للوالدين من بداية زواجهما أو تربية الأولاد على مفاهيم منزوعة منها قيمة الأسرة المسلمة نتيجة تأثُّرهم الشديد بالغرب، وعدم بناء ميثاق الأخوة بينهم على الحب في الله.
فكيف ونبينا (صلى الله عليه وسلم) دخل بيت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث فقال: “أرأيتك جاريتك التي كنت أستأمرتني (استشرتني) في عتقها، أعطيها أختك وصِلِي بها رحمك ترعى عليها، فإنه خير لك”، فها هنا الإسلام يعلِّمنا والرسول يحثُّنا على حق الصلة بأشقائنا وربط المحبة بيننا وبينهم.
إن التربية مهمَّة جميلة وأيضًا مسؤولية عظيمة، فكل ما تفعله يكون انعكاسًا على أبنائك، فيجب أن نتذكَّر نحن الآباء أن كل ما نفعله اليوم سيتذكُّره أبناؤنا غدًا، فماذا نريد منهم أن يتذكَّروا وكيف؟ فيجب أن نحرِّرهم من المتداول والدخيل على ماهية الأسرة السوية الصحيحة المترابطة.
الفكرة من كتاب علِّم ابنك كيف يكره أخاه
إن التربية علم كباقي العلوم يجب التعلُّم فيه، فتربية أبنائك واجب عليك وتعلُّمك إياها يزيد من تدارك الأخطاء الفادحة التي قد تسبِّب الأذى بأبنائك، وأكثر ما يُقابِل الآباء هو الغيرة بين الأبناء أو المشاحنات بينهم التي قد تصل بهم إلى الكره، كما حدث في قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) من قبل، وفي كثيرٍ من البيوت يكون الوالدان هما السبب في هذا دون قصد، ولأن بيوت المسلمين أولى بتربية أبنائهم على الحب والتعاون لأن الحب في الله أقوى وأصدق وبخاصة حب الإخوة، إلا أن كثيرًا منهم يسقط في هذا أيضًا.
مؤلف كتاب علِّم ابنك كيف يكره أخاه
عبد الله محمد عبد المعطي: خبير تربوي، وله عدة مؤلفات تربوية مهمة، منها: “بالحب نربي أبناءنا”، و”أطفالنا: خطة عملية للتربية الجمالية سلوكًا وأخلاقًا”، و”حياتنا الأسرية بدون عصبية”، و”علِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله”.