مالية الدولة
مالية الدولة
يُعبَّر عن مالية الدولة بموازنتها التي تعد سجلًّا لإيراداتها ومصروفاتها العامة، وتقوم الدول بإعدادها عبر مبدأ الوحدة والعمومية، حيث تُعد المصبَّ لجميع إيرادات الدولة، ومن ناحية أخرى تعد الشريان لمختلف أوجه الإنفاق، ويمكن أن نعد الضرائب واحدة من أخطر القضايا في الفكر السياسي والاقتصادي، إذ هي الوجه الآخر المقابل لدور الدولة وسلطتها وإحدى أهم الأدوات الأساسية في السياسة الاقتصادية.
فالضرائب هي المصدر الأساسي لإيرادات الدول، لذا انصبت عليها كل الدراسات واللوائح لتنظيمها وتحديد الشرائح المستهدفة وأوعيتها الضريبية، وإذا كانت الدول في أوقات الأزمات تلجأ إلى عدد من السياسات غير الاعتيادية، فإنها إبان أوقات الاستقرار المالي لا بدَّ أن تتسم سياستها المالية بنوع ما من التوازن بين الإفراط والتفريط، فيجب أن تنتهج الدول سياسة الشفافية والوضوح بعيدًا عن تشتُّت الجهود في غابة من التشريعات والقوانين الضريبية المختلفة، ترتكز على العدالة في توزيع العبء الضريبي، والملائمة للأنشطة الاقتصادية المختلفة، والكفاية حيث تُغطَّى أكبر قدر من النفقات، ومن ناحية أخرى لا تؤدي إلى إفقار المجتمع، فضلًا عن التسبُّب في كساد اقتصادي.
ونتيجة لزيادة النفقات عن الإيرادات ينشأ العجز المالي، والذي هو سرطان العصر للعديد من الدول المتقدِّمة والنامية على السواء، لذا تتفنَّن الدول في محاولة رأب هذا الصدع عبر العديد من الوسائل التمويلية، ومن الأمور الشائعة اعتماد بعض الدول على سياسة التمويل بالاقتراض أو اللجوء إلى إحداث تضخُّم متعمَّد عبر طبع المزيد من البنكنوت، وفي الحالة الأولى نجد أن الدول تتسبَّب في تقلُّص شطيرة الاستثمار عبر استيلائها على السيولة البنكية المتاحة للقطاع الخاص، وفي الحالة الثانية نجد ظهور موجات من ارتفاع الأسعار غير المبرَّرة، مما يثقل كاهل المواطنين ويسحب القوة الشرائية لصالح الدولة بصفتها أكبر المقترضين.
الفكرة من كتاب دور الدولة في الاقتصاد
الاقتصاد مرآة السياسة، فكل تطوُّر اقتصادي يشهده أي بلد لا بدَّ من أن يؤثر في وضعه السياسي والعكس صحيح، وقد ثار جدل أزلي بين أهل الاقتصاد والسياسة فيمن يقود مَن أو مَن يؤثر أكثر في الآخر، ولكن يتفق الجميع على أن ثمة ترابطًا حدث بينهما خلال حقب التاريخ المختلفة.
عندما اجتاحت الأزمة العالمية عام 2008 الأسواق المالية تخلَّت الدولة عن دور الحارس وتدخَّلت لتنتشل الاقتصاد من أزمته، ويتكرَّر الأمر في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية اليوم، والتي سبَّبتها جائحة فيروس كوفيد 19 “كورونا”، مما جعل البعض يتساءل عن الحدود الفاصلة بين الدولة والاقتصاد، وعلى ذلك يقدم هذا الكتاب مراجعة حية للتطور التاريخي الحاصل في سياق رؤية مفصلة للاتجاهات التاريخية والجيوبوليتيكية التي حدَّدت الأطر الحاكمة للأنظمة السياسية والاقتصادية.
مؤلف كتاب دور الدولة في الاقتصاد
حازم عبد العزيز الببلاوي: ولد في 17 أكتوبر 1936، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1957، حصل على دبلوم الدراسات العليا العلوم الاقتصادية، جامعة جرينوبل، فرنسا 1961، ودكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية، جامعة باريس – فرنسا سنة 1964، شغل سابقًًا منصب رئيس الوزراء في مصر، كما يشغل حاليًًّا منصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، حصل على وسام جوقة الشرف بدرجة فارس من حكومة فرنسا سنة 1992، ووسام ليوبولد الثاني بدرجة كومانور من حكومة بلجيكا سنة 1992.
له العديد من المؤلفات أبرزها: الاقتصاد العربي في عصر العولمة، ودليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي، ونظرات في الواقع الاقتصادي المعُاصر، ونظرية التجارة الدولية.