ماضي اللغة العالمية
ماضي اللغة العالمية
ليست الإنجليزية هي لغة التواصل الأولى للعلم، فقد سبقتها عدة لغات أخرى في مراحل العلم المختلفة، وكانت تستمر اللغة الواحدة عدة قرون أو أكثر، ومن خلالها كان يتواصل المجتمع العلمي وينقل أهم البيانات والنصوص، إلا أنه لم تصل أي لغة إلى عالمية الإنجليزية.
صحيح أن معظم لغات التواصل كانت تفرض بالغزو، غير أن مكانتها كانت تظل كما هي لمدة طويلة تتجاوز سيطرة الغزاة الأصليين، فقد حكمت روما منطقة البحر الأبيض المتوسط برمتها على مدًى طويل، غير أن اللغة اليونانية ظلت لغة العلم في هذا المكان، وانقسم العالم الإسلامي بعد القرن العاشر إلى إمبراطوريات صغيرة مستقلة، مع ذلك حافظت اللغة العربية على مكانتها في العمل العلمي من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر باستثناء فترة عهد سونج في الصين.
وكانت لغات التواصل تتأثر في بعض الأحيان بشكل تدريجي بطابع الثقافات المحلية، وتميل في توسعها إلى التجزؤ إلى لهجات ولغات جديدة، وهناك لغات عالمية تساهم في القضاء على لغات محلية كاللغة اللاتينية التي ساعدت في القضاء على اللغة الإترورية.
وتجدر الإشارة إلى الفترة التي خلت من أي لغة تواصل، فقد تقدم العلم الغربي في الفترة من 1680 حتى 1970 من دون أي لغة تواصل عالمية، إلا أن هذه الفترة كانت تتميز بوجود علماء متعددي اللغة ومحررين ومترجمين على قدر عالٍ من الكفاءة والقدرة على نقل العلم بشكل احترافي.
كما الواضح، فإن التاريخ يوحي بتكرار مسارات عدة يمكن أن تسلكها اللغة العلمية، والسؤال هنا، أيمكن أن يحدث أي من هذا مع الإنجليزية؟
الفكرة من كتاب هل يحتاج العلم إلى لغة عالمية؟ اللغة الإنجليزية ومستقبل البحث العلمي
قديمًا كانت المؤتمرات العلمية الدولية تكتظ بأنبغ العقول وألمعها، ومع ذلك كانت تُعقد الألسنة ولا تُحل إلا بوجود المترجمين، فقد كان وجود المترجمين في المؤتمرات والاجتماعات البحثية ضرورة بالغة تتساوى في أهميتها مع وجود العلماء والباحثين أنفسهم، وقد تغالبها في بعض الأحيان، أما الآن فمن الممكن أن يجتمع عالم من الصين وآخر من الأرجنتين مع باحث مصري وآخر ألماني ويتناقشون معًا بكل سهولة، ويشاركون إنتاجهم البحثي والفكري، ويتعاونون لإنتاج المزيد، وكل هذا من خلال لسانٍ أجنبي واحد يوحدهم. وبالنظر إلى الماضي، فقد تقدم العلم بالفعل بشكل سريع لا يمكن تصوره، حتى إنه خلق عالمًا جديدًا من خلال لغة واحدة تجمع العالم، وهذه اللغة هي الإنجليزية.
مؤلف كتاب هل يحتاج العلم إلى لغة عالمية؟ اللغة الإنجليزية ومستقبل البحث العلمي
سكوت ل. مونتغمري :عالم جيولوجي استشاري، وأستاذ في مدرسة جاكسون للدراسات الدولية في جامعة واشنطن، مترجم علمي وناشر مستمر في مجلة فوربس عن علم الجيولوجيا والتغير المناخي وتاريخ العلوم واللغة والاتصال.
من أهم كتبه:
القوى الكائنة: الطاقة العالمية للقرن الواحد والعشرين وما بعده.
العلم في الترجمة: حركة المعرفة عبر الثقافات والزمن.
معلومات عن المترجم:
فؤاد عبد المطلب
عميد سابق لكلية الآداب في جامعة جرش بالأردن، ويعمل حاليًّا أستاذًا بقسم اللغة الإنجليزية والترجمة، وعميدًا للبحث العلمي والدراسات العليا في الجامعة نفسها، حصل على دكتوراه في الفلسفة في الأدب الإنجليزي من جامعة إسكس ببريطانيا، وهو عضو حالي في اتحاد الكتاب العرب في دمشق، ورابطة الكتاب الأردنيين، وقد شارك في عدد من المؤتمرات العلمية المحلية والدولية، ونُشر له عديد من الأبحاث والمقالات والكتب المؤلفة والمترجمة، منها:
جيفرسون والقرآن: الإسلام والآباء المؤسسون، لدينيس أ. سبيلبرج.
الفكر العربي بعد العصر الليبرالي.. نحو تاريخ فكري للنهضة، لدجنس هانسن وماكس وايس.د