ماذا نحن هنا؟
ماذا نحن هنا؟
لما كانت عقول الناس لا تدرك جميع مصالحهم في دنياهم وهي عن إدراك مصالح دينهم وتمام مراد الخالق من المخلوق أكلُّ وأعجز، كان لا بدَّ للناس من إمام يعرِّفهم جميع المصالح في المعاش والمعاد والدنيا والآخرة، فلو ترك الله (عز وجل) الناس وعقولهم وغلبة شهوتهم وكثرة جهلهم وطغيانهم لكلَّفهم ما لا يطيقون ولأسلمهم إلى ما به يهلكون، لذا من تمام رحمته بنا أنه أرسل لنا سيدنا محمدًا ﷺ، يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾، وختم به الرسالات ووضَّح به السبل والشرائع، فبين لنا رسولنا الكريم ﷺ أن قيمة الإنسان ووزنه في الدار الآخرة مرهون بمدى إنجازه لرسالته الكونية في هذه الدنيا، وأن الله فضله على العالمين وحمَّله الأمانة، وميَّزه بالاختيار والتكليف، وكلَّفه بطاعته، فالله لم يخلقنا عبثا أو دون هدف ولم يتركنا سدًى بل خلقنا لغاية وهي عبادته، يقول عز وجل: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ).
فهذه هي الرؤية الإسلامية للكون وللغاية من خلقه، وهذا هو جوهر وأساس إنسانية الإنسان؛ طاعة مولاه وحمل التكليف الرباني باختياره لا بإجباره، فالله (عز وجل) غنيٌّ عن الخلق وغنيٌّ عن عبادتهم أجمعين (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ )، فهو الغني ونحن الفقراء وهو العزيز ونحن المساكين الضعفاء.
ولكن لما كنا مجبولين على التسليم والانقياد لما نراه مقدسًا وعظيمًا فأخبرنا أنَّه هو العظيم المستحق لتمام التسليم وتمام الطاعة والانقياد، وحده المستحق لتمام التقديس والعبادة، ولا أحد مستحق لذلك إلا إياه، فكان وجودنا هاهنا وأمره (جل وعلا) بطاعته بلاء واختبار، ليتبيَّن من يختار التجبُّر ومن يختار الطاعة والانكسار، من يختار لنفسه نعيم الجنة ومن يختار عذاب النار.
الفكرة من كتاب لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والشر والعلم والتطور
“لماذا نحن هنا؟ سؤال صعب.. سؤال يراودني”.. لو كنت استمعت إلى هذه الأغنية في الصغر، ستتذكَّر معي كيف كان وقعها علينا لما كانت تُعرَض على “سبيستون Spacetoon” وتتردَّد كلماتها هذه على مسامعنا، وتتذكَّر كيف كنا نردِّدها وقتها بكثيرٍ من الفرح والسعادة منسجمين مع النغمات والألحان.
والآن لمَّا صار الزمان غير الزمان صار لهذه الكلمات وقعٌ مختلفٌ عند سماعها وعند ترديدها. ولما حدث ذلك كان لزامًا على أهل العلم والصلاح أن يقدِّموا الإجابات، وفي هذا الكتاب عمد المؤلف إلى جمع أغلب تساؤلات الشباب حيال الوجود والخلق والخالق والغاية من وجودنا والإجابة عنها بما يعين الشاب، ويزيل عنه الشك والارتياب ويثبته على دينه.
مؤلف كتاب لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والشر والعلم والتطور
إسماعيل عرفة: كاتب، وطبيب صيدلي له اشتغال بالصحافة المعرفية والترجمة، وباحث مهتم بالظواهر الاجتماعية والقضايا الفكرية المعاصرة.
ومن مؤلفاته: الهشاشة النفسية: لماذا صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟ وترجم كتاب “صنع الدولة الحديثة” لبريان نيلسون والصادر عن دار عالم الأدب في عام 2019م.