ماذا لا تتغير الأمور؟
ماذا لا تتغير الأمور؟
رغم الأخطار التي يواجهها الكوكب بسبب الأزمة البيئية ورغم أن النشاط الاقتصادي الحالي للإنسان هو السبب الأساسي وراء الأزمة البيئية، فإن النظام يبقى بلا قدرة على التحرك، وذلك لأن الرأي العام يرى أن الموقف ليس خطيرًا إلى هذه الدرجة، فالتيار العام للمعلومات يجعل علامات الإنذار تبدو نسبية أو لأن هناك من يقنع الرأي العام أن المشكلة جدية لكن يمكن التكيف معها باستخدام التكنولوجيا.
هذا التقليل من أهمية الأزمة البيئية يرجع إلى ثلاثة عوامل، الأول: أن الإطار المهيمن لتفسير العالم هو إطار التصور الاقتصادي للأشياء، وهكذا يكون التركيز على النمو الاقتصادي دون الالتفات إلى أثر ذلك في البيئة، ولذلك فإن الشركات لا تدفع تكلفة تدهور البيئة الذي سببته. والثاني: أن النخب الحاكمة جاهلة في علم البيئة رغم تأهلها في الاقتصاد والسياسة، فلا تلتفت إلى المسائل التي تجهلها وتقلل من أهميتها. وأخيرًا: أن نمط حياة الطبقات الغنية يجعلها غير قادرة على الشعور بما يحيط بها، أي أن الأغنياء وحتى الأفراد العاديين في الدول المتقدمة يعيشون بمعزل عن المحيط البيئي المتدهور، فهم ينتقلون بالسيارات ويعيشون في أماكن مكيفة، فيلوِّثون دون أن يدركوا تأثير أفعالهم.
هناك إجابة أخرى على سؤال “لماذا لا يتغير أي شيء؟” وهي أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ومعه الاشتراكية أصبحت فكرة البحث عن بديل غير واقعية، وهكذا أصبحت الرأسمالية هي الخيار الوحيد والخروج عنها يبدو مستحيلًا.
الفكرة من كتاب كيف يدمر الأثرياء الكوكب
في كتابه “كيف يدمر الأثرياء الكوكب؟” يحاول هيرفي كيمف مناقشة الأزمة الاجتماعية الناتجة عن التفاوت الرهيب بين الأثرياء والفقراء، ومناقشة الأزمة البيئية التي نتجت عن تسميم المجال الحيوي، ويشير إلى ضرورة التصدي لهذه الأزمات، لكن الطغمة -وهم فاحشو الثراء- لا يريدون تغيير الوضع الراهن لأنهم مستفيدون من هذه الأزمات، ومن ثم يحاولون إقناع الآخرين أن كل البدائل مستحيلة وأن الطريق الوحيد متمثل في النمو الدائم للثروة.
مؤلف كتاب كيف يدمر الأثرياء الكوكب
هيرفي كيمف: هو صحفي فرنسي مهتم بقضايا البيئة والصراعات الدولية، أسس صحيفة “Repoterre”، كما يعمل مسئولًا عن قسم البيئة في صحيفة “Le monde” الفرنسية.
من مؤلفاته: كتاب “الخروج من الرأسمالية”، وكتاب “كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية”.
معلومات عن المترجم:
أنور مغيث: أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب بجامعة حلوان، له العديد من الدراسات المنشورة في مجالي الفكر العربي المعاصر والفلسفة، ومن الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية: كتاب “نقد الحداثة” لآلان تورين، وكتاب “في علم الكتابة” لجاك دريدا.