ماذا غيّرت السوشيال ميديا؟
ماذا غيّرت السوشيال ميديا؟
حالت السوشيال ميديا بين الإنسان وحواسه الخمس، إذ أصبحنا نصدر الأحكام على الأشخاص بناءً على كلمات يكتبونها وهم جالسون على أجهزتهم، ولا نراهم ولا ندرك مدى صحتها، وإن قررنا البحث وراءها لمعرفة الحقيقة نجدها تحتاج إلى جهد كبير، ومن ثم نُقَرِّر تصديقها بلا دليل.
فنحن نتعامل عبر شاشات المحمول فقط، وهذا وسيط ينقل إلينا ما يُراد له أن ينقل، وليس ما يحدث فعلًا، نعم نحن نسمع ونرى ومع ذلك حواسنا شبه معطلة، لأن ما نراه أو نسمعه ليس حقيقيًّا، وقد تتعطل حاسة التذوق لدينا، ونقنع أنفسنا أننا تناولنا طعامًا رائعًا لأننا ذهبنا إلى مطعم رشحه لنا خبير طعام يظهر من شاشة الهاتف فنُكذِّب ألسنتنا ونُصدقه.
بجانب ذلك، اختلف مفهوم الاحترام لدينا، وأصبح يتمثل في شيء واحد فقط، وهو العلامة الزرقاء، العلامة الزرقاء هي الشارة التي تضعها مواقع التواصل الاجتماعي على الصفحات العامة والشخصية دليلًا على التوثيق من أن صاحب هذه الصفحة أو الحساب هو فلان الفلاني، ففي البداية ادعى الآلاف من الناس أنهم أشخاص آخرون، لذا جاءت العلامة الزرقاء للحد من هذه الظاهرة.
ويا ليتها توقفت عند هذا الحد، بل أضحت وسيلة لإثبات الاحترام، وأصبحت دليلًا على أن هذا الشخص شخصية عامة، وتجد أشخاصًا حققوا شهرة قليلة جدًّا داخل أوساط معينة ومن ثم يحصلون على الشارة ويفرحون بها ويتفاخرون.
مما دفع الكاتب إلى التساؤل عن تطور المظهرية في مجتمعنا التي انطلقت من التفاخر بسيارة إلى التباهي بعلامة يرسلها موظف داخل “فيس بوك | Facebook” ويمكنه أن يسحبها في أية لحظة، ويرى أن هذا الأمر يدل على قلة ثقة الإنسان بنفسه والرغبة في أن يلفت الانتباه له.
الفكرة من كتاب فلسفة البلوك: ما فعلته بنا السوشيال ميديا
كم مرة تلج إلى حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي يوميًّا؟ وكم ساعة تقضي عليها؟ هل تجد نفسك تبحث باستمرار عن الإشعارات أو تشعر بالقلق عندما لا يمكنك الوصول إلى هاتفك؟
إذا كان الأمر كذلك، فأنت لست وحدك؛ في العصر الرقمي اليوم أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولكن ما تأثيرها في نظرتنا إلى أنفسنا وإلى الآخرين؟ وماذا كشفت عنا؟ وكيف تؤثر في صحتنا العقلية وعلاقاتنا؟ هذه هي الأسئلة التي دارت بخلد الكاتب محمد عبد الرحمن، وبدأ يستكشفها عن طريق تأملاته وعمله الصحفي.
وبالنهاية قرر توثيق الأفكار والاتجاهات التي رصدها، في محاولة لتفسير سلوكيات نشطاء هذه المواقع، وتأثيرها في العقول، ويتمنى الكاتب أن يخرج القارئ بالنهاية بمعلومات تؤهله لعيش هذا الزمن وفقًا لقواعده التي يضعها بنفسه، لا التي تُفرض عليه من صانع المنصة.
مؤلف كتاب فلسفة البلوك: ما فعلته بنا السوشيال ميديا
محمد عبد الرحمن: كاتب وصحفي مصري وناقد فني، تخرج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1997، عمل في عدد كبير من الصحف والمجلات المصرية، ويتولى حاليًّا رئاسة تحرير موقع إعلام دوت كوم.
من أعماله:
الكتاب صفر: كواليس وكوابيس الفبركة الصحفية.
مدينة المليار رأي.