ماذا عن بياناتك؟
ماذا عن بياناتك؟
عرفنا معًا أن الانتباه هو مقصد كل المنصات والشركات الكبرى والهدف الأساسي الذي تسعى للاستحواذ عليه، ولكن ماذا عن بياناتك؟ ألها القدر والأهمية نفسيهما؟ وهل يسعون أيضًا للحصول عليها؟ نعم وبكل تأكيد! بل إن تجميع البيانات وتحليلها واستغلالها أساس اقتصاد الانتباه، فكيف يجذبون انتباهك إذا لم يعرفوا من أنت وأين تسكن وماذا تحب وماذا تكره وأي فريق تشجع وإلى أي دين تنتمي، وغيرها الكثير والكثير من التفاصيل. ونجد في الوقت الحالي أن جميع الشركات الكبرى تستثمر بشكل واسع في سوق البيانات، وذلك لأنها عامل القوة الأكبر لهذا العصر.
إذًا، كيف يحصلون على البيانات؟ وإجابة هذا السؤال نجدها في اعتراف واضح من “إريك شميدت | Eric Schmidt” المدير التنفيذي لجوجل عام 2010 قال فيه: “إننا نعرف أين أنت، ونعرف أين كنت، ويمكننا أن نعرف تقريبًا ما تفكر به”، فمنذ بدايات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ومع انتشار الإنترنت أبدى المسوقون اهتمامًا كبيرًا بالبيانات المتعلقة بمواقع الويب التي يستخدمها الناس، والحصول على تلك البيانات يحدث في هدوء تام وبكل بساطة من خلال تعقب نشاط المستخدمين على الإنترنت، فنحن نقرأ المقالات دون أن ندرك أنها مسجلة، ونتصفح الأسواق الإلكترونية دون أن ندري أن كل ما وقع عليه اختيارنا سواء اشتريناه أم لا قد سُجل علينا، ونستخدم بطاقات الدفع الإلكترونية من غير أن نتوقف ونفكر في تسجيلها لكل عملية شرائية قمنا بها، ونتحرك بصحبة هواتفنا المحمولة في كل مكان دون أن يخطر لنا على بال أن كل تحركاتنا مرصودة ومعروفة! وهذا ليس خيالًا أو مبالغة بل سوق كبيرة تُدار بواسطة كبرى شركات العالم وتستثمر فيها مليارات الدولارات.
وقد أوجزت “ميجلينا كونيفا | Meglena Kuneva” عضو اللجنة الأوربية التعبيرَ عن سوق المراقبة والتعقب بأفضل شكل، عندما قالت عام 2009: “إن البيانات الشخصية هي النفط الجديد للإنترنت والنقد الجديد للعالم الرقمي”. ولِمَ لا؟! وفي كل لحظة تُرسل نحو ثلاثمئة ألف تغريدة وواحد وخمسون مليون رسالة قصيرة وأربعمئة واثنان مليون رسالة إلكترونية، ويُكتب مليونان من الكلمات المفتاحية على جوجل، وفي كل ثانية نقدم معلومات حول صحتنا وحالتنا النفسية وعن مشاريعنا وأعمالنا وإنجازاتنا وتنقلاتنا. وقد يبدو هذا على سبيل المشاركة والتواصل الاجتماعي ولكن هناك الكثير من التعقب والرصد والتحليل والتوجيه خلف جدران شركات البيج داتا | Big Data
الفكرة من كتاب اقتصاد الانتباه في عصر المراقبة السيبرانية
كم مرة بحثت عن منتج ما لتجده يظهر أمامك في كل مكان؟ وكم مرة توقفت عند منشور أو صورة أو فيديو فتجد أمثاله يلاحقونك في كل المنصات؟ وكم ساعة تقضيها على الإنترنت يوميًّا؟ ولأي مدة تستطيع التركيز دون أي انقطاع في عملك أو مذاكرتك؟ تراكمت عليك الأسئلة أليس كذلك؟ لا بأس، توقف قليلًا وفكر في الإجابة وعد سريعًا لتكتشف ما وراء هذه الأسئلة وما وراء إجاباتك أيضًا. فنحن على وشك رحلة لاستكشاف عالم الإنترنت منذ بدايته وحتى وصولنا إلى هنا، والتغيرات المصاحبة له في كل جوانب حياتنا، والأهداف الخفية التي تسعى إليها شركات الإنترنت الكبرى وعلاقتها بانتباهك وبياناتك. مستعد؟ إذًا، لنبدأ.
مؤلف كتاب اقتصاد الانتباه في عصر المراقبة السيبرانية
علي فرجاني: خبير إعلامي واستشاري علاقات عامة مصري، وكاتب محتوى ومتحدث في الذكاء الاصطناعي والفضاء السيبراني، حصل على بكالوريوس الإعلام وماجستير علوم الإعلام والاتصال من جامعة القاهرة، كما حصل على درجة الدكتوراه الفخرية في علوم الإعلام والاتصال. وحصل كذلك على الزمالة العلمية من الجمعية المصرية للعلاقات العامة.
ومن مؤلفاته:
مهارات المتحدث الإعلامي.
التقنيات الرقمية وتطبيقاتها في الإعلام.
العلاقات العامة واستراتيجيات الاتصال.