ماذا عمن يرى في نفسه الكفاءة والمتطلبات اللازمة لتولي منصب ما؟
ماذا عمن يرى في نفسه الكفاءة والمتطلبات اللازمة لتولي منصب ما؟
قال يوسف (عليه السلام) لملك مصر عندما كان يبحث عن شخص يدير اقتصاد البلاد مع احتمال حدوث أزمة: ﴿اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ﴾، فوافق الملك لما رآه من صدقه وأمانته، وفي موقف آخر طلب أبو ذَرٍّ الغفاري من رسول الله ﷺ الولاية، فقال له: “يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها”، رفض رسول الله ﷺ طلبه بالرغم من صفات أبي ذر الحسنة، وفي الوقت الحاضر يُعد من يبحث عن السلطة ساعيًا إلى مصلحة ما، ويُنظر إليه بشك وريبة، وغالبًا لا يهتم صاحب القرار بطلبه، فهل يصح أن يرشح الإنسان نفسه لتولي منصب ما، دون أن يعرضه عليه صاحب الأمر؟
يمكن للإنسان أن يرشح نفسه عند صاحب القرار إذا رأى أن توليه المسؤولية سيعود بالنفع على الناس والدولة، ولا يصح أن يُرفَض كل من يُبادِر بتولي مسؤولية ما، بل ينبغي التفكير في كل شخص على حدة حسب تدابير معينة، وكل مجتمع يوجد فيه أشخاص مؤهلون قادرون على تحمل المسؤولية، وتهربهم منها عندما تكون الدولة في حاجة إليهم يعد من عدم الأمانة. أما ما يتعلق بالفساد في المؤسسات والشركات، فأصل الفساد هو الواسطة، والواسطة تعني تدخل الأقوياء وأصحاب النفوذ لتيسير الإجراءات وقضاء الحاجات، سواء دعت الحاجة إلى ذلك أم لا، وانتشرت هذه الظاهرة بين الناس لدرجة اقتناعهم أن الواسطة هي الأصل وما عداها استثناء، وخطورة ذلك أنها تُنمي الاتكالية لدى الناس، وتُفقِد القوانين والإجراءات قيمتها.
إن القائد قدوة للآخرين، وحين يتصف بالأمانة ويقاوم الفساد، فإنه يؤثر في الناس مباشرة، ويتغيرون للأفضل، ويقل الفساد شيئًا فشيئًا، لأن القيادة السياسية لها قوة وتأثير، ومن هؤلاء القادة الخليفة عمر بن عبد العزيز، الذي اتصف بالأمانة والقوة، فبعد توليه الخلافة بدأ بنفسه وأهله، وأرجع ما وفرته الدولة له من الأشياء الثمينة إلى بيت مال المسلمين، ثم أطاح بالفاسدين ووضع مكانهم الأمناء الصالحين، وقضى حاجات الناس الأساسية، فأغناهم ومنحهم من المال العام، كما كان يفعل الفاروق (رضي الله عنه)، إذ أدت استراتيجياته في إدارة أموال الدولة إلى تقليل عدد الفقراء، وعدم الإفساد بدافع الجوع والفقر، كما حظر عمل المسؤولين بالتجارة، ووضع لكل مسؤول من يراقبه، واختار شخصًا يستلم الشكاوى التي كان يحقق فيها الخليفة بنفسه.
الفكرة من كتاب لماذا نعمل 8 ساعات؟ قصص وتجارب من عالم الإدارة والقيادة
في هذا الكتاب دعوة إلى إعادة النظر في نظام العمل الحالي، ومدى ملاءمته للتطور التكنولوجي الحديث، كما أنه يعود بالزمن إلى شخصيات إسلامية عظيمة، للاستفادة من تجاربهم، والاقتداء بهم وبمبادئهم وأخلاقهم الحسنة، وعلى رأسها الأمانة، إذ حققوا إنجازات كبيرة وكانوا عزًّا للإسلام والمسلمين، ويمكن للمديرين والقادة الاستفادة منها في الوقت الحاضر وتطبيقها في المؤسسات والشركات في المجالات المختلفة.
مؤلف كتاب لماذا نعمل 8 ساعات؟ قصص وتجارب من عالم الإدارة والقيادة
عبد الله العمادي: كاتب صحفي ومؤلف، كتب كثيرًا من المقالات اليومية والأسبوعية والدورية في صحف محلية وعربية، ولديه مدونة شخصية بعنوان «أطياف»، يكتب فيها عن تعزيز الذات وبناء الشخصية، ويعبر عن رأيه في القضايا العامة، ومن مؤلفاته:
«لا تكن حجر شطرنج».
«منارات».
«أشياء يفعلها السعداء».