ماذا تعملين يا سيدتي؟
ماذا تعملين يا سيدتي؟
– ماذا تعملين يا سيدتي؟
أنا ربة منزل
ماذا فعلتِ اليوم؟
استيقظت قبل الجميع لأهيئ لهم صباحًا مشرقًا، ودعت ابني الأكبر وهو في طريقه إلى المدرسة ودعوت له، رتبت منزلي وأعدت له جماله ونظامه بعد أن جلست مع أولادي أشاركهم اللعب والمرح مساء أمس، وأعددت لأسرتي وجبة شهية بعد استغراقي فترة ليست قصيرة لأجهز مكوناتها وأتأكد من استيعابي لطريقة عملها، وأرضعت طفلي وبدلت بملابسه أخرى قد انتهيت للتو من غسلها وتعطيرها بكل حب، واستقبلت زوجي عند عودته من العمل بترحاب ومودة، وأدخلت السرور على قلب الجميع بكعكة جيدة الصنع… إلخ
كلا! بهذا أنتِ لم تفعلي شيئًا على الإطلاق!
كيف؟!
العمل يا سيدتي هو العمل في الحياة العامة، وهو الذي يمكن قياسه وحسابه، ويمكنكِ أن تتقاضي أجرًا نقديًّا عليه وتتمكني من الاستقلال ماديًّا، أما أي عمل آخر في رقعة حياتك الخاصة مثل تربية أبنائك والاهتمام ببيتك قد يكون له قيمة إنسانية كبيرة، ولكن هذا ليس موضوعنا وهذه أمور ليست علمية وليست قابلة للقياس!
من غد سأبحث عن عمل فمن يرضى لنفسه ألا يفعل شيئًا!
في حوار مثل هذا نرى كم من الممكن تعبئة الكلمات بمضمون نماذج أيديولوجيات متحيزة، وكيف تنحرف الكلمة عن معناها المألوف وتكتسب أبعادًا جديدة لا ندرك ما وراءها.
والنتيجة بعد أن خرجت ربة المنزل، التي لا تعمل شيئًا على الإطلاق، حتى تتقاضى الأجر المحدد وتستعيد احترامها لنفسها، أنه قد يفسد الأطفال وبالتبعية تنهار الأسرة وتضيع خصوصية الحضارة، فالأم هي وسيلة نقل الحضارة والقيم عبر الأجيال المختلفة.
والمشكلة هنا ليست في ربة المنزل ولا في المرأة العاملة، فكلٌّ فيه خير، ولكن في المعيار الذي على أساسه نُزعت القيمة من تلك ومُنحت لهذه، وفي الاتباع دون وعي لتحيزات ما نتبع، وفي التفكير عن طريق الأذن لا العقل.
الفكرة من كتاب العالم من منظور غربي
هل تعيش السمكة خارج الماء، أو يعيش الفيل على أغصان الأشجار؟! هل يمكن تعميم سمات بيئة معينة لتصبح فرضًا على الجميع وإذا فكر أحدهم في التخلي عنها يتم إتهامه بالتخلف والجهل والرجعية؟! هل يجدر بالعالم أن يرتدي كله ثوبًا واحدًا والأصل فيه تعدد الألوان والأنواع والأشكال؟
كل هذه الأسئلة وأكثر ستجدها في هذا الكتاب ضمن مناقشات وافية وأمثلة توضيحية شاملة وأفكار رصينة ترسم الصورة وأسلوب دقيق يلون تفاصيلها.
مؤلف كتاب العالم من منظور غربي
د.عبد الوهاب محمد المسيري (١٩٣٨ – ٢٠٠٨) هو مفكر وعالم اجتماع وكاتب مصري. تخرج في كلية الآداب جامعة الإسكندرية بقسم اللغة الإنجليزية عام ١٩٥٩ ليتعين معيدًا فيها. حصل على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن عام ١٩٦٤من جامعة كولومبيا وعلى الدكتوراه من جامعة رتجرز عام ١٩٦٩ وذلك خلال سفره للولايات المتحدة الأمريكية. وبعد عودته إلى مصر درَّس في جامعة عين شمس وعدة جامعات عربية أهمها جامعة الملك سعود. صدرت له عشرات الدراسات عن إسرائيل والحركة الصهيونية، ويعتبر واحدًا من أبرز المؤرخين العالميين والمتخصصين في الحركة الصهيونية.
ومن أهم أعماله موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين.