ماذا بعد القراءة؟
ماذا بعد القراءة؟
لا تنتهي رحلة القارئ مع الكتاب بمجرد إنهاء آخر صفحاته، فالقراءة دون تأمل أو تفكير نفعها هزيل جدًّا، كمن يأكل الطعام دون أن يهضمه! فيُسَائلُ القارئ نفسه: ماذا أضاف لي الكتاب؟ هل أتفق مع كل ما طرحه الكاتب من أفكار؟ هل أحسن الكاتب في عرض فكرته؟ فيم أحسن وفيم أخلَّ؟ هل أحتاج إلى التوسع أكثر في القراءة حول هذا الموضوع؟ وغير ذلك مما يعين القارئ على تعميق فهمه ويولِّد عنده الأسئلة والإشكالات التي تحفزه على القراءة والفهم أكثر، حتى لو استغرق ذلك منه ساعات طويلة، فإن الصبر على التفكير يورث عند القارئ الفهمَ السليمَ.
ثم ينتقل القارئ إلى مستوى آخر وهو النقد الواعي، فليست كل الأفكار التي يقرؤها يجب أن يتفق معه أو يقلدها دون تمحيص، والنقد يكون من جهتين: الجهة الأولى بأن يتلمس القارئ المواضع التي أحسن فيها الكاتب والنقاط الجيدة التي طرحها، وهذا هو الشق الأصعب في الحقيقة، والجهة الثانية أن يذكر الملاحظات والنقاط والأخطاء التي وقع فيها الكاتب أو أساء عرضها، ويفند كل ذلك بالدليل والحجة وبأسلوب بنَّاءٍ خالٍ من الحدة قدر المستطاع، وعلى الناقد ألا يأخذ الأمور لأبعد مما هي عليه فيدخل في النقد مواقف ونزعات شخصية تخص الكاتب، وعليه أن يغلِّب حسنَ الظن كلما أمكن ذلك.
ثم ينتقل القارئ بعد ذلك إلى المرحلة الأهم؛ أن يطبق ما قرأه وتعلمه على أرض الواقع، فماذا يغني الكلام النظري إن لم يتحول إلى عمل ملموس؟ ومؤدِّي العمل أول من ينتفع بثمرته لأن المردود السريع الذي يراه متجسدًا أمامه يهوِّن عليه الوقت الطويل الذي قضاه في القراءة والدرس وتقييد الأفكار ونقدها، والعمل يحفظ علم الإنسان من الضياع والنسيان، ويزيد من فهمه وإدراكه واستيعابه لما قرأه، ومن الأقوال المأثورة: “إن العلم ينادي العمل، فإن أجابه؛ وإلا ارتحل”.
الفكرة من كتاب قراءة القراءة
قد تكون القراءة من أصعب المهام التي يؤديها الإنسان، وهذا صحيح إلى حد كبير، لما تتطلبه من وقت وتركيز وتفكير، لكنها، في الوقت نفسه، الطريق الوحيد في أحيان كثيرة نحو الترقي والفهم؛ القراءة هي كلمة السر التي تفتح لك مغارات الكنوز في هذا العقل البشري، فهل تستطيع صبرًا؟
في هذا الكتاب يقدم الكاتب خطة عمل تطبيقية لكل مرحلة من مراحل القراءة، من تكوين عادة القراءة إلى العمل والانتفاع بما قرأته.
مؤلف كتاب قراءة القراءة
الدكتور فهد بن صالح الحمود الأستاذ المشارك بقسم الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، تولى إدارة مركز البحوث الشرعية بالكلية، وكان عضوًا في مجلس إدارة الجمعية العلمية للمصرفية الإسلامية، واللجنة الشرعية لإعداد مشروع مدونة الأحكام القضائية.