مؤتمر الصومام.. والسياسة الفرنسية
مؤتمر الصومام.. والسياسة الفرنسية
إن الوثيقة التي يمكن اعتبارها الوثيقة السياسية الأولى للثورة الجزائرية هي تلك التي صدرت في ميثاق مؤتمر الصومام، وشملت عرض الوضع السياسي الراهن وظهور المقاومة المسلحة وانتصاراتها على حملات التطويق والإبادة التي نفذها المستعمر الفرنسي في الأوراس، هذا إضافةً إلى رفع درجة الحرب من حرب عصابات إلى حرب جزئية بجيش تحرير أكثر تنظيمًا، كل ذلك جعل الخبراء العسكريين والزعماء الفرنسيين يجدون أن الحل العسكري مستحيل للقضية الجزائرية، كما نجحت جبهة التحرير الوطني في خلق سلطة مزدوجة، أي نشأت إدارة ثورية ومنظَّمات مسؤولة عن التموين والعدل والضرائب والأمن والإصلاح الزراعي، وهو ما يعني عدم اقتصار الأمر على الكفاح المسلَّح لطرد المستعمر، وإنما فرض الدولة الجزائرية المستقلة وتسيير أمورها الخاصة بها أثناء ذلك الكفاح.
بالانتقال إلى السياسة الفرنسية العليا، فقد اتجهت إلى الحل العسكري بالحرب والإبادة، ثم إن الإدارة الفرنسية كعادتها حاولت تهدئة الأوضاع باقتراح إصلاحات وانتخابات حرة، لكنها لم تلقَ إلا مبالاة عامة نظرًا إلى كونها أوهامًا تافهة، ورأى الفرنسيون أنهم مضطرون إلى الحل السياسي، ولكن هناك نقطة أخرى يكمن فيها نجاح الثورة الجزائرية، وهي قدرتها على وضع أهداف محدَّدة وليس مجرد طرد الاستعمار بعشوائية، وإنما تضمَّنت إضعاف قدرة الجيش الفرنسي ومصادر الاقتصاد الاستعماري، وعزل فرنسا سياسيًّا في الجزائر، واستخدام منظَّم لوسائل النشاط والدعاية لكي توجد جبهة التحرير الوطني الممثل الوحيد للثورة الجزائرية في كل مدينة وقرية وحي، كما أن للحركة الفلاحية والعمالية تأثيرًا كبيرًا في إعطاء طابع شعبي للمقاومة الجزائرية على عكس الطابع الفردي أو الحزبي.
الفكرة من كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
“إن أطفالنا لا يفرُّون إلى البيت حين يرون جنود الاستعمار، فهم لا يخافون منهم ولا يطيعون تعليماتهم وأوامرهم”، هكذا قالت امرأة جزائرية ريفية خلال حرب التحرير الجزائرية التي اندلعت في الأول من نوفمبر عام 1954م الجزائرية في وجه الاستعمار الفرنسي بإعلان الحرب المسلَّحة ضد أحد أعتى جيوش العالم بجيش صغير وأسلحة تقليدية، لكن سرعان ما تحوَّل إلى جيش منظم ذي كتائب وفيالق ومدد بشري، ليسقط أكثر من مليون ونصف المليون من أبناء الجزائر أمام حملة الإبادة التي نفَّذتها فرنسا، ولتُكتَب النهاية بانتصار الوطن الجزائري واستقلاله، لكن ما تميَّزت به تلك الثورة بحق هو دور المرأة الجزائرية فيها الذي اختلف عن دور المرأة في أي ثورة أخرى.
إن ما قالته تلك السيدة يمكن أن يُظهِر مدى التربية التي نشأ عليها ثوار الجزائر للتصدِّي للقوَّة الفرنسية، إذًا فبناء الأُمَّة لا يبدأ إلا ببناء المرأة، ويناقش هذا الكتاب تأثير المرأة منذ حركات التحرير الأولى وحتى حرب الجزائر في عمليات القتال والاتصالات والدعاية والتعليم بجانب التمريض.
مؤلف كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
أنيسة بركات درَّار: هي كاتبة جزائرية، حصلت على درجة الدكتواره في الآداب عام 1973 بجامعة الجزائر، وعملت باحثة في المركز الوطني للدراسات التاريخية، كما شاركت كمجاهدة في صفوف جيش التحرير الوطني بالجزائر ضد الاستعمار الفرنسي عام 1956م، ومن أهم مؤلفاتها:
أدب النضال في الجزائر من سنة 1945 حتى الاستقلال.
محاضرات ودراسات تاريخية وأدبية حول الجزائر.