مؤامرة الإخوة
مؤامرة الإخوة
ألم المؤامرة التي دبَّرها إخوة يوسف، أن يُعاقب المرء على ما لا ذنب له فيه، وكيف أن أدواء البشرية كثيرة أشدها التفرُّد والرغبة في الاستحواذ، وقد يزخرف الإنسان القبح لأجل تحقيق غاياته، لكن لطف الله يعم عباده الصالحين ويدفع عنهم الأذى.
فالألطاف كانت تحيط بيوسف (عليه السلام)، فمن غرائب المصائب أن قلبك يكون فيها أكثر تهيؤًا لمعاني الربوبية، وإذا أُغلقت عنك جميع النوافذ، سيخلق الله لك بابًا من حيث لا تحتسب، قد آنسك في وحشتك قربك من الله ويقينك في الفرج، فكن بمبشِّرات الله أوثق منك بما تراه عيناك.
وأشدُّ ما تكون المصائب والفضائح والبلايا وقعًا على القلوب إن كانت مُفاجئة، صادمة، لا يُتنبَّأ بوقوعها، والقلوب الكاذبة تملك قدرة على بذل المشاعر الزائفة كي تُحكِم كذبها وخداعها.
الفكرة من كتاب يوسفيات
إن التدبُّر هو ما يفعله كلُّ مؤمن يقرأ كتاب الله، ما دام عقله حاضرًا، وقلبه واعيًا، فكلُّ معنى يقف عنده القلب مُتأثِّرًا، أو مُتشوِّقًا، أو مُتحسِّرًا، أو مُتلهِّفًا، أو مُحبًّا، أو مُبغضًا، وكل تلك المعاني النفسية هي من صميم التدبُّر، ولا يكاد قارئ لآيات كتاب الله إلا ويشعر بها في قلبه، ويتصوَّرها في خياله.
فالقرآن كتابٌ مُبين، ومن كونه مُبينًا أنَّ كلَّ الكُتب يعتريها غموض سواه، فكل الكُتب فيها لبس إلا هو، ويطرأ عليها شيء من التناقض عداه، إذ إنَّ الوضوح الصفة الأهم لأعظم كتاب أنزله الله، فمن قرأ القرآن ولم تتضح الرؤى لديه وتترتَّب فوضى عقله ولم تنسجم قناعاته مع مبادئه؛ فهو لم يقرأ القرآن حقًّا، وقد أُنزِل القرآن حاملًا خصائص العلو والارتفاع، فكل من قرأه علت نفسه، وكل من حفظه علت همَّته، وكلُّ من تدبَّره علت قدرته وأنارت بصيرته، ومن عمل به علت منزلته ومكانته.
مؤلف كتاب يوسفيات
علي بن جابر الفيفي: علي بن يحيى بن جابر الفيفي يعمل محاضرًا في قسم الشريعة واللغة العربية في كلية البرامج المشتركة بالمحالة، وقد التحق بالجامعة عام 1435 هجريًّا، وهو حاصل على بكالوريوس في تخصُّص العودة، هذا إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصُّص الدعوة والاحتساب.
من مؤلَّفاته: “لأنك الله”، و”محمد الرجل النبيل”، و”سوار أمي”، و”حلية الوقار”، وغيرها.