مأساة الأرملة
مأساة الأرملة
الكثير منا يعتقد أن مشاكل الزواج ستنتهي بانتهائه، ولكن في الحقيقة المشاكل الحقيقية تبدأ بالفعل بعد انتهاء الزواج، فبموت رب الأسرة تشعر الزوجة بغياب الأمان المعنوي والمادي، وبأنها أصبحت مطمعًا للجميع، فالكل يريد فرض سيطرته عليها والتحكم بها وبأولادها، والكل يشك في نيتها من العمل، ومن تكوين الأصدقاء، فقد ترغب في العمل ليس رغبةً في كسب المال فقط، بل لسد الفراغ العاطفي والنفسي الذي سبَّبه فقدان الزوج، فهي تريد أن تشعر بذاتها.
لكنها تشعر بهجوم الكل وتحذيرهم لها أو خوفهم عليها من القيل والقال، فماذا لو أرادت وجود السند والاحتواء مرة أخرى في حياتها ووجدت الرجل المناسب؟ هل تراها تتخلَّص من سيطرة وانتقاد من حولها؟
في حالات كثيرة تتعرض المرأة للتعنيف الجسدي أو المعنوي نتيجة لطلبها هذا الطلب الفطري، الذي تلبي به احتياجاتها كأنثى وكإنسانة تحتاج إلى الونس والرعاية، فتشعر بالضغط عليها مما يجبرها على الانفصال من عالمها الواقعي انفصالًا جزئيًّا، فتراها غير واعية لأقوالها وأفعالها وتشعر بالبرودة في قلبها وفي ملامحها، أو قد تنفصل عن عالمها كليًّا بأن تدخل في حالات نفسية تفقدها القدرة على التفكير السليم.
وكل هذه الحالات يقابلها المجتمع، بل والأسرة أيضًا بعلامات من الاستنكار وعدم التصديق، وكأنها تختلق هذا لجذب الانتباه؛ وهذا لرفضهم الاعتراف بذنبهم تجاهها عند سلبها حقًّا أصيلًا من حقوقها.
والحقيقة المثيرة للشفقة أن هذه المرأة المسكينة تحتاج فقط أن تلملم شتات عالمها المتداعي، وتحتاج أن يسمعها أحدهم بصدق ويعذرها دون أن يحكم عليها، ولو أنها وجدت هذا الاحتواء ممن حولها فربما لم تفكر أصلًا في الزواج مرة أخرى رغم أنه حقها الطبيعي الذي لا يمكن لأحد أن ينكره عليها.
الفكرة من كتاب أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي
قبل أن نبدأ إن كنت تظن أن زيارة الزوج أو الزوجة للطبيب النفسي بسبب مشاكل زوجية فقط، فأنت لا تعي من حقيقة الأمر شيئًا، فمشاكل كثيرة تحدث بعد الزواج لا نلقي لها بالًا رغم أنها قد تودي بحياة أصحابها لها جذور قديمة، لكننا نشعر بآلام الآخرين الجسدية لأنها مرئية ولأننا نستطيع سماع آهاتهم، أما بالنسبة للآلام النفسية فلا يراها أحد، رغم أنها قد تصل بالمرء إلى الانفصال عن واقعه، أو حتى الانتحار لشعوره بالضيق وعدم وجود مساعدة؛ لذلك كان واجبًا علينا ألا نهمل العلامات الواضحة التي تحتاج إلى علاج؛ حرصًا منَّا على صحة ذوينا، فبم تشعر المرأة بعد الطلاق أو الترمُّل؟ ما الجزء الذي لا نراه؟ وما الذي سيشعر به الرجل إن وجد من ينافسه في حب زوجته؟ وما سبب حدوث النفور الشكلي أو الزهد؟
يجيب الدكتور عادل صادق عن هذه التساؤلات وأكثر، ويوضح العلامات التي تتطلَّب مساعدة نفسية على لسان أصحابها، ثم يعلق عليها باعتباره الطبيب النفسي لهما، فيتناول الموضوع من وجهة نظر علمية، ويحاول طرح حلول بسيطة لهذه المشاكل لعل أحدهم يجد حالًا مشابهًا لما يمر به ويعرف الحل.
مؤلف كتاب أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي
الدكتور عادل صادق عبدالله عامر: طبيب نفسي مصري ولد في التاسع من أكتوبر 1943، حصل على دكتوراه في الأمراض العصبية والنفسية، وحصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وشغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، وعمل رئيس تحرير لمجلة “الجديد” في الطب النفسي.
وكتب العديد من المقالات لصحيفة الأهرام، توفي في 14 سبتمبر 2004، عن عمر يناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته، فله أربعة كتب باللغة الإنجليزية، وثلاثون كتابًا باللغة العربية، منها: “العشق”، و”كيف تصبح عظيمًا؟”، و”الغيرة والخيانة”، و”متاعب الزواج”، و”كيف تنجح في الحياة؟”، و”الألم النفسي والألم العضوي”، و”الطلاق ليس حلًّا”، و”مباريات سيكولوجية”.