مأزِق الابتكار

مأزِق الابتكار
في العصر الروماني دخل على الإمبراطور “أغسطس” مُخترِع وفي يده كأس زجاجية يقول إنها غير قابلة للكسر، فأمره الإمبراطور أن يثبت صِحة ادعائه برميها على الأرض عدة مرات، وبالفعل فَعَلَ المخترع ما طلبه الإمبراطور، والعجيب أنه في كل مرة كان يلتقط الكأس من الأرض في هدوء وهي سليمة لم يصبها سوى بعض التشوهات الطفيفة التي يُمكن إصلاحها، فتعود الكأس كما كانت.
وبعد انتهاء هذا الاختبار، انتظر المختِرع أن يُكافَأ على ما صنع، ولكن ما حدث له كان صادمًا، فبعد عرضه المدهش سأله الإمبراطور: هل يعلم أحد بسر هذا الاختراع؟ فلما جاءت الإجابة بالنفي، أمر الإمبراطور بقطع رقبته!
والمؤسف أن المخترع لم يَفطُن لأنْ ليست كل الاختراعات سواءً، وأنها لا تلقى الترحيب نفسه، فالتأثير الحاصل عن الاختراعات والمشجع على قبولها أو رفضها يندرج ضمن نوعين عبر عنهما “كريستيانسن” في كتابه “مأزِق الابتكار”، فالنوع الأول هو الابتكارات الإصلاحية وهي التي تجد حلًّا لمشكلة في ابتكار سابق بتحسين جودته بجعله أسرع وتقليل تكلفته، كابتكار بطاريات عمرها أطول أو شاشات أكبر وهكذا، وغالبا ما تلقى هذه الابتكارات التمويل والتشجيع من الشركات والمؤسسات.
أما النوع الثاني فهو الابتكارات الفاصلة التي من ضمنها اختراع صاحبنا السابق، وهي تعمل على فصل ما قبلها عمّا بعدها، فتُغير جوانب كثيرة في الوضع القائم وتتسبب في اختفاء مِهَن وظهور أخرى، وهذا بالضبط ما حدث عند ظهور أول ابتكار فاصل عرفته البشرية وهو “الكتابة”، فبعد أن أصبحت الحياة أكثر تعقيدًا واتجه الإنسان إلى الزراعة، احتاج إلى ما يسهّل عليه عملية التذكر ونقل خبراته وتجاربه إلى الأجيال الأخرى، فابتكر السومريون آلة تشبه المسمار يحفرون بها بعض العلامات على ألواح الطين الطري، وبعدهم ابتكر المصريون القدماء الكتابة الهيروغليفية، ومن ثم انتشرت الكتابة بعدها إلى بقية مناطق العالم ومعها القراءة، فانتقلت البشرية من الشفاهية إلى الكتابية، ونتج عن هذا تغير في الثقافة والاقتصاد والسياسة وظهرت طبقات اتخذت من هذه المهارة مهنة لها.
الفكرة من كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
لا تخلو الحياةُ اليوم من ظهور ابتكارات تجعل الحياة أكثر سهولة وتربطها بشكل أكبر بالإنترنت، فأنت أصبحت تُفضل التسوق عن طريق الصفحات والتطبيقات بدلًا من النزول من منزلك لفعل هذا الأمر مُتَحَجِّجًا بتَوفير الوقت، ولكنك في الوقت نفسه تقضي وقتًا طويلًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فما الذي اختلف إذًا؟
الإجابة عن هذا الأمر مرتبطة بالإنترنت والتغييرات التي سببها منذ ظهوره، لهذا يأتي هذا الكتاب ليقدم إليك ملخصًا سريعًا للاختراعات الفاصلة التي غيرت حياتنا، ومن ضمنها الإنترنت وأثره في تغيير المنظومة التي يُدار بها العالم، كما يوضح الأضرار الناتجة عن وسائل التواصل وما أحدثته في نفوس البشر، وهل تتجسس علينا هذه المواقع حقًّا، مما قد يجعلنا نُضْطَرّ إلى العودة إلى استخدام الرسائل البريدية بدلًا من هذه الوسائل وإن كانت أبطأ من الإنترنت؟
الآن كن مستعدًّا لمعرفة كل هذا وأكثر من خلال ملخص تاريخ الإنترنت.
مؤلف كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
خالد الغمري: أستاذ مساعد اللُّغويات الحاسوبية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، حاصل على الدكتوراه من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، شارك في تأسيس “مرصد المحتوى العربي على شبكة الإنترنت” التابع لـ”مؤسسة الفِكر العربي”، و”منتدى وسط غرب أمريكا للغويات الحاسوبية”.
له عدد من المقالات نُشرَت بجريدة الأهرام، تناولت الحديث عن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، وأثرها في الثقافة والمعرفة والمجتمع والسياسة، كما قدم عديدًا من الأبحاث حول المعالجة الآلية للغة العربية والمحتوى الرقْمي العربي، وألّف كتاب “برج مغيزل: مواقع التواصل الشخصي”.





