لِم الإنجليزية؟
لِم الإنجليزية؟
عند السؤال عن المتحكم الرئيس في عملية البحث العلمي كلها وجب الرجوع إلى الباحثين أنفسهم، قد يرجع تفضيل العلماء للإنجليزية في عملية كتابة العمل العلمي، أو بمعنى أصح النشر، إلى عدة أسباب بسيطة؛ لدى الباحثين الذين ينشرون أعمالهم البحثية بالإنجليزية فرصة أفضل للتسجيل في قاعدة البيانات، فقد ظهر تحيز واضح من شبكة معهد المعلومات التقنية ISI وقاعدة البيانات المرجعية فهرس الاقتباس العلمي SCI ناحية اللغة الإنجليزية، إذ بدؤوا منذ السبعينيات والثمانينيات في نشر البحوث العلمية الإنجليزية كاملًا أو جزئيًّا على حساب اللغات الأخرى، ومن الناحية الأخرى فإن الباحثين الذين ينشرون عملًا ما بلغتهم المحلية لا يلحظ المجتمع العلمي العالمي مساهمتهم، ومن شأن الإنجليزية -اللغة العالمية- أن تقدم إحدى الفرص الوحيدة إلى باحثي الدول الفقيرة للمشاركة على مستوًى أعلى في المجتمع العلمي الدولي، لأن من الممكن أن تفقد لغتهم المحلية قيمتها العلمية في القريب العاجل، وقد ازدادت بالفعل نسب مشاركة العلماء من الدول الغنية والفقيرة لأكثر من ضعفين خلال العقد الأول من الألفية الثالثة.
وتكمن أعظم أهمية للغة المشتركة في تسهيل الاتصال بين العلماء، الذي يعد جزءًا أساسيًّا من البحث العلمي نفسه، وتعمل اللغة على توفير فرص المشاركة بين مختلف الجنسيات، الذي من شأنه أن ينتج مشاريع ضخمة مثل مصادم الهدرونات الكبير، ومن فوائد الإنجليزية -اللغة المشتركة- وجب ذكر دورها في تعزيز نهضة الأمم من خلال العلم كالصين والهند والبرازيل.
إن نهضة الدول تحتاج في الأساس إلى التطور العلمي، والعلم يحتاج إلى هذه اللغة المشتركة وينشرها من نفسه، لأن الباحثين أنفسهم يحتاجون إليها لقيمتها العالية في عملية البحث العلمي، غير أن هذه القيمة باهظة الثمن!
الفكرة من كتاب هل يحتاج العلم إلى لغة عالمية؟ اللغة الإنجليزية ومستقبل البحث العلمي
قديمًا كانت المؤتمرات العلمية الدولية تكتظ بأنبغ العقول وألمعها، ومع ذلك كانت تُعقد الألسنة ولا تُحل إلا بوجود المترجمين، فقد كان وجود المترجمين في المؤتمرات والاجتماعات البحثية ضرورة بالغة تتساوى في أهميتها مع وجود العلماء والباحثين أنفسهم، وقد تغالبها في بعض الأحيان، أما الآن فمن الممكن أن يجتمع عالم من الصين وآخر من الأرجنتين مع باحث مصري وآخر ألماني ويتناقشون معًا بكل سهولة، ويشاركون إنتاجهم البحثي والفكري، ويتعاونون لإنتاج المزيد، وكل هذا من خلال لسانٍ أجنبي واحد يوحدهم. وبالنظر إلى الماضي، فقد تقدم العلم بالفعل بشكل سريع لا يمكن تصوره، حتى إنه خلق عالمًا جديدًا من خلال لغة واحدة تجمع العالم، وهذه اللغة هي الإنجليزية.
مؤلف كتاب هل يحتاج العلم إلى لغة عالمية؟ اللغة الإنجليزية ومستقبل البحث العلمي
سكوت ل. مونتغمري :عالم جيولوجي استشاري، وأستاذ في مدرسة جاكسون للدراسات الدولية في جامعة واشنطن، مترجم علمي وناشر مستمر في مجلة فوربس عن علم الجيولوجيا والتغير المناخي وتاريخ العلوم واللغة والاتصال.
من أهم كتبه:
القوى الكائنة: الطاقة العالمية للقرن الواحد والعشرين وما بعده.
العلم في الترجمة: حركة المعرفة عبر الثقافات والزمن.
معلومات عن المترجم:
فؤاد عبد المطلب
عميد سابق لكلية الآداب في جامعة جرش بالأردن، ويعمل حاليًّا أستاذًا بقسم اللغة الإنجليزية والترجمة، وعميدًا للبحث العلمي والدراسات العليا في الجامعة نفسها، حصل على دكتوراه في الفلسفة في الأدب الإنجليزي من جامعة إسكس ببريطانيا، وهو عضو حالي في اتحاد الكتاب العرب في دمشق، ورابطة الكتاب الأردنيين، وقد شارك في عدد من المؤتمرات العلمية المحلية والدولية، ونُشر له عديد من الأبحاث والمقالات والكتب المؤلفة والمترجمة، منها:
جيفرسون والقرآن: الإسلام والآباء المؤسسون، لدينيس أ. سبيلبرج.
الفكر العربي بعد العصر الليبرالي.. نحو تاريخ فكري للنهضة، لدجنس هانسن وماكس وايس.د