ليس كمثله شيء
ليس كمثله شيء
العقل السليم يعرف أن لا شيء يظهر إلى الوجود دون أن يكون بفعل سبب، فلكل حادث مُحدث أو مُسبِّب له كما قال القرآن: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾، ومن المستحيل عقلًا تسلسل الأسباب إلى ما لا نهاية، لذا لا بدَّ من “أوَّل”.
فلنتخيَّل أن جنديًّا ينتظر أمرًا من قائده لإطلاق رصاصة، والقائد ينتظر أمرًا من قائده، وقائد قائده من قائده وهكذا، فإذا انتهى الأمر إلى قائد لا يأخذ أمره من أحد فسوف تنطلق الرصاصة، وبذلك فإن كل قائد في هذه السلسلة يمكن الاستغناء عنه ولن تتأثَّر النتيجة فيمكننا وصفه بـ”ممكن الوجود”، لكن القائد الأوَّل لا يمكن الاستغناء عنه، ويمكن وصفه بـ”واجب الوجود”، وهكذا الحال في هذا الكون والوجود،
أي إن هناك خالقًا أزليًّا لا يعتمد في وجوده على شيء، وذلك لأن الحاجة إلى غيره هي نقص، والنقص ينافي كمال واجب الوجود الأزلي، فكل مخلوق فالله يسبقه في الوجود وظاهر عليه.
وكما أن الله هو أول كل الأسباب فإن كل الأسباب أيضًا آخرها إلى الله، ومن هنا يقول الله تعالى عن نفسه في القرآن: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾، فإذا فهمنا استغناء الخالق عن كل شيء فهمنا أن باقي صفات الكمال مترتبة على ذلك، ما يُؤكد عظيم خلقه (سبحانه وتعالى)، ولهذا لا يستطيع البشر أن يُدركوا كمال الله (عز وجل) ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
ومن كمال صفة الخلق أن يخلق الله تعالى خلقًا مختارين لديهم حرية الإرادة والاختيار، وأن هذه الأنفس إن خلقها الله في الجنة مباشرةً فسيفوتها علم عملي وفهم عميق لمعاني الوجود وصفات الله (عز وجل) ومعنى عبوديتها وحاجتها إليه ومقدار تنعُّمه عليها، فقد قدر الله تعالى لكل نفس امتحانها وابتلاءها واختبارها الذي يناسب إظهار مكنونها ليُقيم الله (عز وجل) الحُجَّة على كل نفس.
وقد ترك الله فرصة لظهور الشر لإظهار خير الأخيار وشر الأشرار، وليقيم على الأشرار الدليل والحُجة والبرهان إذا حاسبهم، والشرور الطبيعية مثل الزلازل والبراكين هي عقاب للأشخاص والأمم، كما أنه إعادة توازن الطبيعة والبيئة.
الفكرة من كتاب أسس غائبة: 25 مسألة في مشكلة الشر
إن من أكثر الأسباب التي أدَّت إلى الكثير من الإلحاد هو سؤال الشر، لماذا توجد المعاناة والألم في العالم؟ فالملحد ينفي وجود الإله لمجرد وجود الشر وكأنه رد فعل غضبي وانتقامي موجَّه إلى الله (سبحانه وتعالى)، أو إلى الدين أو إلى المتدينين، وسبب رد الفعل هذا هو غياب أسس وحقائق عن الذهن، فتجده لا يدرك حقيقة الحياة الدنيا وأنها دار ابتلاء وامتحان وليست جنَّة أو نعيمًا.
لهذا قدَّم لنا الكاتب الأسس الغائبة عن عقول الناس والتي قد تؤدي بهم إلى الإلحاد بسبب غيابها، كما يقدِّم الإجابة عن بعض الأسئلة التي تخص “مشكلة الشر” كما تُعرف بين الملحدين.
مؤلف كتاب أسس غائبة: 25 مسألة في مشكلة الشر
أحمد حسن، مصري الجنسية، وهو مهندس معماري، مختص ومحاضر في مواضيع اللا دينية والإلحاد، ومدير البحث العلمي بمركز دلائل، ومن مؤلفاته: “الميديا والإلحاد”، و”أقوى براهين الدكتور جون لينكس في تفنيد مغالطات منكري الدين”، و”السينما واللاوعي”.