ليسوا سواء.. الآثار درجات ومراتب
ليسوا سواء.. الآثار درجات ومراتب
ما الأثر؟ هو ما يتركه المرء خلفه من نتائج عمله، صالحًا كان أم طالحًا، والحديث هنا عن نتائج العمل وليس العمل نفسه، لأن الأثر ناتج العمل وتابع له، والآثار على دربين: حسي ومعنوي؛ فالحسي كبناء المساجد وحفر الآبار وتشييد الأوقاف، والمعنوي مثل تعليم العلوم والدعوة إلى الله، وغيرها من الأمور التي قد تبقى للإنسان بعد وفاته وربما تكون أطول بقاءً من الآثار المحسوسة.
وتتفاوت الآثار بدرجة كبيرة لا يعلمها إلا الله، فهناك آثار عظيمة كالجبال الرواسي، وهناك آثار محدودة النفع، لكن لا يعني هذا أن يستصغر الإنسان فعلًا قد يبقى له بعد وفاته، فربما يُبارك له فيه بالإخلاص، وربما تعظم فائدته للناس رغم صغره، والمُوفَّق هو الذي يوفقه الله إلى عمل رشيد له أثر عظيم، وهذا ما يظهر تاريخ العظماء بصورة جلية، فقد حالفهم التوفيق وشملتهم العناية الإلهية فتركوا أعمالًا خلَّدت ذكرهم في الأحياء بعد وفاتهم.
لكنْ؛ هل يشترط لكي يبقى ذكر الإنسان وأثره بعد موته أن يكون ذا عمر طويل ممتد؟
يكون هذا في الغالب، فصاحب الأثر هو صاحب فكرة استغرقت وقتًا لتتشكَّل وتنضج حتى تصير عملًا ذا أثر يبقى، ومن ثم فأكثر أصحاب الأثر قد عاشوا ما لا يقل عن أربعين سنة، وقلَّما ترك أثرًا من عاش أقل من ذلك، إلا أن هناك استثناءاتٍ واضحة لهذا العمر، مثل عيسى (عليه السلام) الذي رفعه الله في الثالثة والثلاثين من عمره، وعمر بن عبد العزيز الإمام العادل، وسيبويه إمام النحو، والإمام النووي الذي مات في الخامسة والأربعين وقد بلغت كتبه الآفاق وما زالت تُطبع وتُقرأ وتُدرس إلى الآن، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
الفكرة من كتاب أثر المرء في دنياه
يعيش البشر أعمارًا متفاوتة ثم يغادرون الدنيا، ولو سألت: فلان مات فما الأثر الذي خلَّفه من بعده؟ فغالبًا لن تجد أي أثر، عاشوا وماتوا ولم يشعر بهم أحد، ومن هنا أتت فكرة هذا الكتاب، حيث يتناول المؤلف في كتابه قضية الأعمال التي يتركها الإنسان في الدنيا بعد موته، وكيفية الوصول إلى ذلك، والعقبات التي يواجهها المرء من أجل أن يعمل عملًا لا يُدفن معه في قبره، بل يبقى في الدنيا ليُخلِّد ذكراه في دنيا الناس.
مؤلف كتاب أثر المرء في دنياه
محمد موسى الشريف: كاتب وداعية سعودي، عمل قائدًا طيارًا في الخطوط الجوية السعودية، حصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة من جامعة أم القرى، وتاريخه حافل بالكثير من الإنجازات المقروءة والمسموعة.
من أبرز مؤلفاته:
عجز الثقات.
الطرق الجامعة للقراءة النافعة.
التنازع والتوازن في حياة المسلم.
تسبيح ومناجاة وثناء على ملك الأرض والسماء.
وله تهذيب لسير أعلام النبلاء بعنوان “نزهة الفضلاء”.