ليست حكرًا على أحد!
ليست حكرًا على أحد!
نستطيع هنا فَهم طبيعة معرفة البشر للأعداد واستخدامها حتى قبل الوصول إلى تعريف هذه الأعداد وكيفيتها، فقد انتظر البشر حتى عام 1899م ليخرج العالم الإيطالي يوسيبي بيانو لنا بالأعداد الطبيعية باعتباره تعريفًا منطقيًّا للأرقام التي تبدأ من واحد إلى ما لا نهاية، ويرمز إلى مجموعتها باسم “المجموعة N”، وتم تنظيم تلك المجموعة بخمس مسلمات أهمها فكرة اعتبار الصفر عددًا طبيعيًّا بذاته، وتأتي محاولات الرياضيين لفهم طبيعة هذه الأعداد، وكذلك تنظيمهم لمجموعات الأعداد الأخرى على مر السنين، والنظريات وغيرها ليست إلا لهدف معرفة القانون العام الذي يحكمها، فبالطبع معرفة القانون العام الذي يحكم حركة الأشياء هو أفيَد من مجرد معرفة حركة جسم معين في وضعية معينة والتسليم بذلك.
ولاقت اجتهادات العلماء، كبيبر دي فيرما في علم الجبر، ومحاولة التوصل إلى نتائج عمليات ونظريات حسابية سخرية واستهزاءً كونها لا فائدة لها في تطبيقها على أرض الواقع، إلى أن تم استخدامها في نواحٍ كثيرة من الحياة في وقتنا الحاضر كما نرى في عمليات التشفير والحماية الإلكترونية التجارية والمعلوماتية، إذ إن استخدام البشر للأرقام باختلاف وظائفهم وطرقهم في الحياة يجعل من الأرقام لغةً لا مجرد أداة، وهو ما يجعلنا أحيانًا نُدرك أنه ليس من الصائب استخدامها دون معرفة عناصرها الأساسية وتاريخها، وقد حاول العلماء جاهدين حقًّا التوصُّل إلى ماهيتها وربما لم يصلوا إلا إلى كونها خُلِقَت معنا، في أفكارنا.
الفكرة من كتاب ما العدد؟
أصبح عالمُنا اليوم رقميًّا، ورغم اختلاف الأماكن والأشخاص واللغات، فلم تختلف الأرقام التي يستخدمها الناس سواء كانوا مُتعلمين أم لا، لكن هل تساءلنا يومًا ذلك السؤال الذي يبدو في ظاهره بديهيًّا: ما تلك الأرقام؟ وكيف وُجِدَت؟
ربما يكون البحث عن هذا السؤال مُرهقًا بقدر كونه غير ذي فائدة ما دمنا نستخدم الأرقام فيما نريد، ولكن هذا الطريق هو الذي بدأه العلماء لكي يصلوا إلى ثورة الأرقام تلك التي أوجدت لنا نظريات كُبرى في عالم التكنولوجيا والاقتصاد.
مؤلف كتاب ما العدد؟
بينوا ريتُّو Benoît Rittaud: أستاذ محاضر في مجال الرياضيات بجامعة باريس الثالثة عشرة في مختبر التحليل والتطبيقات الهندسية، ويعمل باحثًا متخصِّصًا في مجال نظرية الأعداد والأنظمة الديناميكية.
ومن أهم مؤلفاته: “المصير المدهش للجذر التربيعي”، و”الأعداد العجيبة”، و”Le mythe climatique (أسطورة المناخ)”.