ليالٍ غير هادئة

ليالٍ غير هادئة
كانت غزة بحاجة إلى كلّ شيء، الطعام، والماء، والأدوية، وتحت كلّ هذه الفوضى من الاحتلال، كان المسلمون يرتلون القرآن في المشفى، إذ إنّ المرء يشعر حقًّا بالارتياح لتلك الأجواء الروحانية في غرف الأطبّاء، ففي ظلّ صلاتهم ودعواتهم وخشوعهم، تنخفض أصوات القصف مهما علت! ولكن الوضع قد تفاقم إلى درجة أنّ الطبيب لا يستطيع أن يسهر على راحة مريضه، بل إنه يعطيه جرعات قليلة من المهدئات ثم يتركه يتألم كي يرى مريضًا آخر. بالتأكيد هذا وضع إنساني غير مقبول، ولكن القصف يزداد، والأعداد تزداد، لأن أعداد العائلات في غزة كبيرة، ويعيشون في مساكن ضيقة وطوابق بعضها فوق بعض، فالاحتلال لا يسمح هنا بالتوسع.

ومن ضمن مئات القصص، توقف الطبيبان عند قصّة الطفل الصغير الذي كان يلعب مع قريبه في سطح المنزل، الذي من المفترض أن يكون أكثر أمانًا من الشارع، ولكن المفاجأة أنّ القنابل تُوجَّه إلى السطح أيضًا ويموت الأطفال الذين يلعبون فوقها، وتبكي الأسر كمدًا على ذلك. وللمرء أن يتخيّل أن الوضع الكارثي في مستشفى الشفاء يبدو أفضل من المستشفيات الأخرى في غزة، إذ إنّ هذا المستشفى مجهز بماكينات تستطيع أن تستخرج الأكسجين من الهواء، ولذا هم في هذه المشفى تحديدًا لا يحتاجون إلى استيراد الأكسجين في قوارير من إسرائيل، الذي حتمًا كان سيشمله الحصار.
الآن مادس وإيريك يستيقظان على القصف كباقي أهل غزّة، وقد انتهى مصطلح (الليالي الهادئة)، ففي غزة لا توجد ليلة هادئة، لدرجة أن الجميع يبكي بما فيهم الأطبّاء، وقد أصبحوا يحتاجون إلى نقل بعض المرضى للعلاج في مصر أو إرسالهم إلى مسشتفيات أوربية أو عربية من خلالها، ولكن الإجراءات معقدة في تصريحات المرور، ولم يعد بإمكان مادس وإيريك تقديم دعم إضافيّ حقًّا، فالناس يتضورون جوعًا وعطشًا ويتألمون بشدّة، والمجتمع الدولي لم يتحرك بعد.
الفكرة من كتاب عيون في غزة
في شتاء عامي 2008 و2009 شن الاحتلال هجومًا عنيفًا على قطاع غزة، وقد عايش الطبيب مادس برفقة صديقه إيريك هذا الحدث الكارثيّ، وكانَا شاهدي عيان من خلال عملهما أطباء في مستشفى الشفاء، الذي جعلهما جزءًا من تلك المعاناة.
مؤلف كتاب عيون في غزة
مادس جيلبرت: هو مادس فريدريك جيلبرت، طبيب نرويجي متخصص في التخدير، من مواليد 2 يونيو 1947، وهو ناشطٌ في العمل التضامني، لذا فهو يتمتع بخبرات دولية واسعة النطاق، وخصوصًا في المواقع التي تجتمع فيها الأزمات السياسية والطبية الإنسانية، فقد عمل بصفة طبيب خلال فترات عديدة في فلسطين ولبنان. ومن مؤلفاته:
Night in Gaza
إيريك فوسا: خبير طبّي وجراح نرويجي الجنسيّة، وهو صديق لمادس جيلبرت ورافقه للعمل خلال فترات الحروب أيضًا.
معلومات عن المُترجِمَة:
زكية خيرهم الشنقيطي: أديبة مغربية نرويجية، تقيم في النرويج منذ عام 1990، حاصلة على ماجستير الأدب الإنجليزي، شغلت منصب نائبة رئيسة المنتدى العربي بأوسلو عـام 1997، وتنشط حاليًّا في المنتدى الثقافي المغربي النرويجي منذ عام 2008، وهي عضوة في نقابات الكتاب في النرويج وعضوة في اتحاد كتاب المغرب.
من مؤلّفاتها:
نهاية سري الخطير.