لماذا يحب الله عباده؟
لماذا يحب الله عباده؟
إن العلاقة بين الله (عز وجل) وعباده من بني آدم تختلف عن علاقته سبحانه بجميع خلقه، فهو المخلوق الذي فيه نفخة علوية من روح الله، يقول تعالى: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾، فهذا التكريم الأوّل منذ أن خلقه، فسجدت له الملائكة، وكرَّمه الله بالعقل وبالصورة الحسنة وبتسخير الكون له، وهذا التكريم يشمل جميع بني آدم دون تفرقة بين لون أو جنس أو عرق.
ومن العجب أن الملائكة الكرام لما علمت بمنزلة البشر عند الله جعلت جزءًا من عبادتها دعاءها لهم وهي بذلك تريد التقرُّب إليه سبحانه وتطمع في نيل رضاه، يقول تعالى: ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ﴾.
وإن الله (عز وجل) يفرح بتوبة عبده مهما أسرف في ذنبه، وسر هذا الفرح هو أن الله (سبحانه وتعالى) اختصَّ الإنسان لنفسه دون خلقه جميعًا، وأنه يريد منه أن ينجح في امتحان العبودية ليُدخِله الجنة، فمراده سبحانه من جميع البشر دخول جنته، يقول تعالى: ﴿وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ﴾ فيمهلهم ويعطيهم الفرصة تلو الفرصة، مع قدرته المطلقة عليهم وإحاطته التامة بهم، فلو شاء أن يهلكهم لأي ذنب يفعلونه لأهلكهم، لكنه لا يفعل، بل يحلم ويصبر ويمهِل لعلَّهم ينتبهون من غفلتهم.
إن أهم صور الإصرار على عدم دخول الجنة هو عدم الاعتراف بالله، أو إشراك أحد معه في العبادة، فالشرك أو الكفر ظلم عظيم، ومع ذلك يظل الباب مفتوحًا للجميع للتوبة والعودة إليه، بل إنه (سبحانه وتعالى) جعل أحب خلقه إليه من يُحبِّب الناس فيه، ويدعوهم للعودة إليه وإلى طاعته كي يدخلهم الجنة.
الفكرة من كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
إن الحب جزء أصيل من مشاعر الإنسان، وهو معاملة قلبية يشعر من خلالها المرء بميله وانجذابه إلى الآخر، ومع وجود قدر من حب الله في القلب إلا أن هناك شواغل تشوِّش عليه وتنازعه المكان مثل حب المال والزوجة والأولاد وغير ذلك، وليس المعنى هو تجريد مشاعر الحب من هذه الأمور، بل المطلوب أن يكون حب الله أكبر منها جميعًا، وإن من أعظم الوسائل لزيادة محبة الله في قلوبنا هو معرفته معرفة مؤثِّرة، لذا يسير بنا الكاتب في رحلة عن أهمية المحبة وثمارها ونقطة البداية لرحلة المحبة مع ذكر بعض الوسائل العملية التي من شأنها أن تسير بالإنسان قُدمًا في طريق حب الله (عز وجل).
مؤلف كتاب كيف نحب الله ونشتاق إليه؟
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية، التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من مؤلفاته: “التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم”، و”حطِّم صنمك”، و”الإيمان أولًا فكيف نبدأ به”، و”تحقيق الوصال بين القلب والقرآن”.