لماذا نعمل ثماني ساعات؟
لماذا نعمل ثماني ساعات؟
إن الوقت هو الحياة، فهو أهم عامل في مجال العمل، ومنذ أكثر من قرن تستغرق مدة العمل ثماني ساعات يوميًّا، ويعود هذا النظام إلى القرن الثامن عشر مع احتداد الثورة الصناعية في أوربا، وعَمَلِ الرجال والنساء والأطفال في المصانع، ووصل عدد ساعات العمل حينها ١٨ ساعة يوميًّا، فحاول الاشتراكي “روبرت أوين | Robert Owen” منع استغلال أصحاب المصانع للعمال، ونادى بتقسيم اليوم ثلاثة أقسام، ثماني ساعات للعمل، وثماني ساعات للراحة، وثماني ساعات لبقية مصالح الإنسان والعناية بحياته، وبعد مرور سنوات نجحت جهوده في جعل مدة العمل ثماني ساعات يوميًّا، بمعدل ٤٠ ساعة أسبوعيًّا، وما زاد على ذلك يعد عملًا إضافيًّا يتقاضى مقابله أجرًا.
ومن الماضي إلى الحاضر، في تجربة نُشِرت سنة ٢٠١٩م في صحيفة «فايننشال تايمز | Financial Times»، عَمِل رئيس شركة استشارات مالية بدوام جزئي بعد إصابة زوجته بالسرطان، فتمكن من إنجاز العمل نفسه في خلال خمس ساعات، بعد أن كان يستغرق ثماني ساعات سابقًا، فعمم تجربته على العاملين بالشركة، دون خفض رواتبهم، فنجحت التجربة، ووُصِفت بأنها مُغَيِّرة للحياة، وقلت الإجازات المرضية، وانضم إلى العمل أشخاص موهوبون، وتفوق بعض المستشارين في المستويات التي حققوها.
لقد اعتمد العمل في الماضي على المجهود العضلي، ولكن مع تطور التقنيات وازدهار مجال المعلومات والاتصالات والإنترنت، وتطور طرق العمل في مجالات معينة، أصبح من المفترض إعادة النظر في نظام ظهر في ظروف معينة، وتغييره بما يتلاءم مع مستجدات العصر، ومع حدوث التحول الرقمي في أغلب قطاعات العمل، ليس من الصحيح افتراض أن زيادة عدد ساعات العمل يعني زيادة الإنتاج، عدا في مجالات معينة كخطوط الإنتاج في المصانع، أما المجالات التي تعتمد على الحوسبة في العمل والإنتاج فلا يطبق عليها ذلك الافتراض.
وهذا يعني أن مجالات الأعمال تنوعت وأصبحت أغلبها ذهنية، تعتمد على المجهود الذهني، وتشير الدراسات إلى أن إنجاز الموظف في الأعمال الذهنية مدته أربع ساعات، والوقت المتبقي يقضيه الموظف في أنشطة لا علاقة لها بالعمل، كتبادل الحديث مع الزملاء واستخدام الإنترنت والأكل والشرب والتدخين، فالمهم ليس مدة العمل، بل الوقت الذي يركز فيه الموظف فيُنتِج. إن تغيير نظام العمل يضع حدًّا لتضييع الوقت بين الموظفين، وما يترتب عليه من استنفاد الموارد، وتأثير طول وقت العمل في العلاقات الأسرية والاجتماعية والشؤون المنزلية، بالإضافة إلى الأضرار الصحية.
الفكرة من كتاب لماذا نعمل 8 ساعات؟ قصص وتجارب من عالم الإدارة والقيادة
في هذا الكتاب دعوة إلى إعادة النظر في نظام العمل الحالي، ومدى ملاءمته للتطور التكنولوجي الحديث، كما أنه يعود بالزمن إلى شخصيات إسلامية عظيمة، للاستفادة من تجاربهم، والاقتداء بهم وبمبادئهم وأخلاقهم الحسنة، وعلى رأسها الأمانة، إذ حققوا إنجازات كبيرة وكانوا عزًّا للإسلام والمسلمين، ويمكن للمديرين والقادة الاستفادة منها في الوقت الحاضر وتطبيقها في المؤسسات والشركات في المجالات المختلفة.
مؤلف كتاب لماذا نعمل 8 ساعات؟ قصص وتجارب من عالم الإدارة والقيادة
عبد الله العمادي: كاتب صحفي ومؤلف، كتب كثيرًا من المقالات اليومية والأسبوعية والدورية في صحف محلية وعربية، ولديه مدونة شخصية بعنوان «أطياف»، يكتب فيها عن تعزيز الذات وبناء الشخصية، ويعبر عن رأيه في القضايا العامة، ومن مؤلفاته:
«لا تكن حجر شطرنج».
«منارات».
«أشياء يفعلها السعداء».