لماذا نصدق الأرقام أكثر؟
لماذا نصدق الأرقام أكثر؟
على الجدار في مكتب ألبرت أينشتاين حكمة مفادها “ليس كل شيء مهم يمكن قياسه، وليس كل شيء يمكن قياسه يعد مهمًّا”، بإمكان الأرقام أن تتغلب على الحواجز البشرية التي تسمح بوجود الحدس والتحيزات والمغالطات، فالأرقام، بعكس الكلمات، تقدم صورة حيادية للواقع بطريقة جعلتنا نسلمها زمام السيطرة على حياتنا وعقولنا، لكن ما نُغفله هو كيف يمكن التلاعب بالأرقام لخدمة الاهتمامات والتحيزات، فالسياسيون يتمكنون من تحقيق نجاحات كبيرة عن طريق التلاعب بالأرقام، كتخفيض نسب التضخم الحقيقية ورفع مقدار الناتج المحلي الإجمالي، وقد اكتشف الإحصائيون أن “بوريس جونسون” -رئيس وزراء بريطانيا- تلاعب لعدد هائل من المرات بأرقام البيانات المتعلقة بالبريكست، أما الجانب السلبي الآخر للأرقام هو أنها سلاح ذو حدين، فمثلما يمكنه تحسين حياتك بإمكانه أيضًا أن يدمرها، فلا يضمن لك توحيد المقاييس والحيادية في جمع وتحليل البيانات ألَّا تتعرض للظلم بسبب رقم محايد.
وبالرغم من الفوائد العظيمة التي صاحبت انتشار وحدات القياس العالمية المتفق عليها عندما وجدنا كثيرًا من الأشياء القابلة للقياس، فقد دخلت قيم جديدة في نطاق عمليات القياس، لكنها قيم مجردة كالجريمة والاقتصاد والتعليم، وعندما نتعامل معها من خلال حيادية الأرقام وموضوعيتها نجد أنها تغفل كثيرًا من العوامل المؤثرة في نتائج تلك القيم، وفجأة نجد أننا نتعامل مع هذه الأرقام القابلة للأخذ والرد على أنها حقائق مطلقة وليست شيئًا تقريبيًّا نسعى من خلاله إلى فهم أكثر لقيم لم تكن ممكنة القياس من قبل.
الفكرة من كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
ما أول شيء لفت انتباهك إلى هذا الكتاب؟ بالطبع إنه العنوان، سوف يدفعك الفضول إلى الاطلاع على الكتاب الذي قرر القراء أنه يستحق تصدر مبيعات متاجر الكتب في هولندا لمدة يعتد بها، وقبل البدء في الكتاب رغبت الكاتبة، من خلال لفت النظر إلى هذا العنوان، بأن ترينا أي مكانة نوليها للأرقام في حياتنا وخياراتنا، فبينما كانت تجري بحثًا حول الفروقات الكبيرة بين الموارد المالية للناس في بوليفيا وتأثيرها في سعادتهم، سألتهم عن الرقم الذي يقدرون به سعادتهم من واحد إلى عشرة، كانت الإجابات تتكرر: واحد، واحد، دون اختلاف مع تغير أسئلة الاستبيان
تسببت تلك الدراسة في تقويض الثقة الكبيرة التي توليها المؤلفة للأرقام منذ صغرها، فلم تستطع اختزال حياة النساء الكادحات اللاتي طرحت عليهن أسئلتها في رقم على مقياس من عشرة أرقام، واكتشفت أن ما يهم هو القصص المختبئة خلف ما نرصده من أرقام. وحاليًّا تحدد الأرقام ماذا نأكل، وأي شيء نشرب، ولمن نمنح صوتنا الانتخابي، ومن نتزوج، وهل سنحصل على الوظيفة التي نريدها أم لا، فتخبرنا المؤلفة من خلال هذا الكتاب أن من الصعب بعد معرفة تلك الأخبار أن نحصن أنفسنا ونتجنب الأرقام تمامًا، فنحن نحتاج إليها بالفعل، لكن نحتاج فقط إلى التمييز بين ما نراه أمامنا من استخدام صحيح للأرقام أو تلاعب، وهل الأرقام في حياتنا بمنزلتها الحقيقية أم لها أولوية في الاختيار والتصديق تسبق العوامل الأخرى المهمة.
مؤلف كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
سان بلو: صحفية هولندية ومحررة حسابية لصالح منصة كوريسبوندانت، حاصلة على الدكتوراه في الاقتصاد القياسي من كلية إيراسموس للاقتصاد.
معلومات عن المترجم:
نور العيون حامد: مترجم ومحقق، له عديد من الترجمات، مثل:
الإصدار الأصفر.
فراشة طوكيو – الحب أو السلطة؟