لماذا نخاف من إظهار الشعور بالحزن؟
لماذا نخاف من إظهار الشعور بالحزن؟
الإنسان الذي لا يضعف أبدًا هو في الحقيقة يوشك على الانهيار، لأن تمام القوة واكتمال السيطرة ليست صفات بشرية، وبكاء الإنسان وحزنه أو حتى عجزه لا يمثل أي مشكلة، ولكن أغلبنا يعتبر أن التعبير عن مشاعر الحزن والضعف ليس شيئًا جيدًا، ولذا نلجأ إلى إخفاء حزننا، ونصِم من يظهرون حزنهم بأنهم يعترضون على قضاء الله، ولكن الحقيقة هي أن الشعور بالحزن والألم ليس اعتراضًا، ولا يأسًا من الحياة، بل بكل بساطة أن هذا الشخص تعب، ويحتاج إلى فترة من الراحة لمواصلة رحلته، ولكن إن كانت طبيعة الشخص يغلب عليها الحزن الدائم، ولا يرى في الأمور إلا أسوأها، ربما يكون مصابًا بالاكتئاب، وبحاجة إلى المتابعة مع طبيب نفسي.
وللتفرقة بين الحزن والاكتئاب يجب عليك معرفة أعراض الاكتئاب: ومنها الحزن الدائم طوال الوقت، وفقدان الشغف والمتعة بالأشياء التي كانت من قبل تسعدك، وصعوبات التركيز واضطرابات النوم، والشعور باليأس من الحياة والرغبة في الانتحار، وهذه الأعراض تحدث على الأقل لأسبوعين متتاليين، بينما الحزن يحدث من غير إدراك كامل، ويأتي عندما تتذكر تجارب أليمة مررت بها من قبل، والعقل بطبيعته ينحاز إلى ما تفكر فيه، وأحيانًا تقوم بتضخيم الألم، وذلك عن طريق تضخيم الاحتمالات، وكأن الكون معرض للانهيار، لذا حاول عدم مقاومة حزنك، فهي مشاعر طبيعية، تُصيب الجميع حتى الرسل والأنبياء لم يسلموا منها، والحزن والألم من طبيعة الحياة، واعلم بأنك لن تستطيع أن تحيا بسعادة ما لم تتقبَّل هذه الحقيقة وترضَ بها.
ولعلَّك تتساءل هل للحزن معنى؟ وهل له فائدة؟ أجل له العديد من الفوائد: فهو يجعلنا نفهم آلام الآخرين، ونقوم بإعادة ترتيب أولويات حياتنا، ونخرج من حيز العيش في عالم الأحلام الوردية، ونستعيد فهمنا للحياة وطبيعتها، كما يكسبنا الحكمة في معرفة السبب وراء ذلك الحزن، ويزيد من قوتنا النفسية، ويمدنا بالخبرات لمواجهة ظروف الحياة المختلفة، كما يعطينا الحزن الفرصة لمجالسة أنفسنا والاعتناء بها، ورؤية ما بها من آفات وعيوب، والحرص على إصلاحها فترى ذاتك وكأنها كتاب مفتوح.
الفكرة من كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
في مراحل الحياة المختلفة تعصِف بنا العديد من المشكلات، والصعاب النفسية، نظن وهمًا أننا تجاوزناها، ولكن الحقيقة الأليمة أننا قمنا بدفنها بأعماق أنفسنا دون حتى أن نقوم بمواجهتها، لنكتشف بالنهاية أننا لا نحسن التعامل مع أنفسنا، ولا نفهمها، وبالتالي نصدر عليها الكثير من الأحكام القاسية، فيختل ميزان الحياة دون أن ندرى أن الأمر برمته ليس وليد تلك اللحظة، بل هو وليد العديد من التراكمات والخذلان والقسوة على النفس، وندرك أخيرًا أن المشكلة الوحيدة نابعة من طريقتنا في الحكم على أنفسنا.
وهذا الكتاب -عزيزي القارئ- هو دليلك للتعامل مع نفسك، وفهمها بشكل أفضل حتى تصل إلى مبتغاك وهو سكينتك النفسية، وتعرف جوانب نفسك، ونقاط ضعفها وقوتها وكيف تقاوم أمراضك النفسية، وتتغلَّب على الجلد الذاتي، لتكمل حياتك وأنت متصالح مع ذاتك؛ مهتمًّا بها؛ مقدمًا لها العون والمساعدة.
مؤلف كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
محمد إبراهيم: كاتب وطبيب نفسي، وباحث ماجستير بجامعة عين شمس، قام بتقديم العديد من الدورات، والمحاضرات التدريبية، مثل: (دورات السكينة النفسية، والثقة بالنفس، والكمالية)، وتصدَّر العديد من المنصَّات الإعلامية في السنوات السبع الأخيرة، وحظي بإقبال كبير من مختلف الجنسيات والأعمار، وهدفه من نشر كتبه ومحاضراته توثيق معاني الصحة النفسية بشكلها الصحيح داخل نفوس القراء، وتدريب أكبر قدر ممكن من فئات المجتمع على التعامل بمرونة في شتى المواقف بشكل نفسي سليم، وطريقه نحو ذلك هو تبسيط مفاهيم علم النفس ليستوعبها عامَّة الناس، وهذا هو الكتاب الوحيد المنشور من أعماله.