لماذا نحن أعداء؟
لماذا نحن أعداء؟
لعلَّ من المنطقي أن نبدأ بالتساؤل عن بداية الخلافات وأسبابها أولًا، ولعلَّ من المنطقي كذلك أن نقول إن البيئة القائمة هي أساس هذه الخلافات، فالاصطفاف خلف مدارس فكرية والتحزُّب والتفرُّق إلى تنظيمات مختلفة واعية أو غير واعية، هي عوامل رئيسة لتغذية المشاعر السلبية ونشوء الخلافات بين كل هذه الفرق.
إضافةً إلى ذلك، فغياب العدل من أهم أسباب تفاقم الخلافات، والمقصود بالعدل هنا هو العدل على كل المستويات، كما جاء في قول ابن تيمية: “إن العدل واجب من كل أحد، على كل أحد، في كل ظرف وكل مكان وحال، والظلم محرَّم من كل أحد، على كل أحد، في كل ظرف وكل مكان وحال.”
كذلك فالكبر والتمسك بالرأي رغم اتضاح الخطأ من العوامل المؤثرة كذلك، وقد كان بعض الحكماء يقول: “ما اكتسبت البغضاء بمثل الكبر”، والتعصُّب الأعمى المفرط مصحوبًا بقلة الخبرة في الحياة وضعف المعرفة بالسنن الإلهية والنواميس الكونية يفضي في النهاية إلى الخلافات الشديدة والنزاعات.
ومن صور هذا الكبر أيضًا: أن يمنح المرء لنفسه صك الولاية على الآخرين بينما جاء في الحديث: “إن أمتي مرحومة، ليس عليها في الآخرة عذاب إنما عذابها في الدنيا بالزلازل والقتل والفتن”، وبينما لا يؤاخذ صاحب الخطأ بخطئه إذا وقع اجتهادًا وكان مقصوده اتباع الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وهذا من الحقائق الشرعية.
أما حديثًا فمن أهم أسباب الفتنة هو الإعلام، فقد أصبح العوام يخوضون في اللغو عن غير علم، وأصبح الصمت حيال أمر ما أو الوقوف على الحياد منه حتى اتضاح الرؤية يصوَّر كضعف من نوع ما، أيًّا كانت المسألة الخلافية سواء فكرية أو فقهية أو سياسية.
الفكرة من كتاب شكرًا أيها الأعداء
يقول حاتم الأصم: “معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي”، قالوا: “أي شيء هي؟”، قال: “أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن له إذا أخطأ، وأحفظ نفسي ألا تتجاهل عليه”، في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب بمقالاته العديدة ليناقش قضية الخصومة بين أفراد الأمة المسلمة.
هنا يشرح لنا سلمان العودة لماذا حدثت هذه الخلافات بين الأمة الواحدة وكيف تفاقمت بحيث أصبحنا في صراع دائم من النقد والرد، كذلك فهو يحدثنا عن كيفية الخروج من هذه الصراعات بمستوياتها المختلفة وكيفية الحفاظ على السلام مع النفس والتعايش والتصافي مع الآخرين على الرغم من الخلاف.
مؤلف كتاب شكرًا أيها الأعداء
سلمان العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرَّج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “بناتي”، كما قدَّم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.