لماذا لم ينشغل الغزالي بالسُّنَّة النبوية؟
لماذا لم ينشغل الغزالي بالسُّنَّة النبوية؟
رغم تبحُّر الغزالي في عدة علوم ونبوغه فيها بسبق يحسب له، فمما يؤخذ عليه تقصيره في علم الحديث، والأخذ بصحاح الأحاديث، ويتضح هذا في بعض كتبه مثل الإحياء من حيث إيراد أحاديث ضعيفة وموضوعة، وقد وصفه ابن الجوزي بسبب ذلك أنه في علم الحديث كحاطب ليل يأخذ ما يجده دون أي انتقاء أو تمحيص؛ والسبب الأكبر في عدم اهتمامه بعلوم الحديث يرجع إلى أن المدرسة التي نشأ فيها الغزالي وأثرت في تكوينه وشخصيته، وهي مدرسة إمام الحرمين كان يغلب عليها الطابع العقلي الجدلي، كما أن عصره وبيئته -وقلما يسلم المرء من تأثير البيئة- غلب عليهما الجانب الجدلي، حيث كانت العلوم السائدة آنذاك هي الفقه والأصول والمنطق والكلام، ولم يكن هناك عناية كافية في وقته بالحديث وعلومه، وعدَّت تلك نقطة ضعف لديه لأنه لم ينشغل بتلك العلوم المنقولة من الأثر والتفسير والحديث، وهذه هي الأصل.
وقد اعترف الغزالي بنفسه في بعض كتبه بأن بضاعة قومه في الحديث مزجاة، لكنه تدارك هذا في آخر عمره، وقطع بأن كلام الفلاسفة لا يفيد علمًا ولا يقينًا، وأن كتاب الله وسنة رسوله هما اللذان يفيدان كل العلم واليقين، وهما الأصل في كل شيء، وأقبل على الانشغال بالحديث وهو شيخ كبير وقد عيَّن له معلمين يحفظ عليهم الصحيحين، كأبي سهيل محمد بن عبد الله، وكان يسمع منه صحيح البخاري، والقاضي أبي الفتح الحاكمي الذي كان يسمع منه سنن أبي داود، مما يدل على تواضعه أمام العلم في هذا العمر والمنصب وبعد كل ما ناله من مكانة، ولكنه تُوفي قبل أن يبلغ في هذا العلم مبلغًا، تُوفي على الانشغال بحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ مات وهو على صدره صحيح البخاري.
الفكرة من كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
أبو حامد الغزالي علوم اجتمعت في عالم، وأشخاص اجتمعت في شخص واحد، اختلف حوله القدماء والمحدثون، بين ناقد ومادح، ومؤيد ومعارض.. لقي عناية كبيرة من الإسلاميين وغيرهم من الغربيين والمستشرقين.
يضم هذا الكتاب بين دفتيه ترجمة وسيرة حياة حجَّة الإسلام أبي حامد الغزالي ومنهجه في الإصلاح والتجديد وجهوده التي قام بها في خدمة الدين والعلم، وأبرز محطات حياته والتغيرات الفارقة فيها، يُعرف الكتاب بنسبه ومولده وظروف نشأته ورحلته التي قضاها في طلب العلم واجتهاده فيه، مرورًا بالتحولات والأحداث التي غيرت مجرى حياته حتى ذاع صيته وشهرته، ثم عُزلته وبداية اشتغاله بالتصوُّف وجهوده في الإصلاح.
مؤلف كتاب الإمام الغزالي وجهوده في التجديد والإصلاح
علي محمد محمد الصلابي: كاتب ومؤرخ من مواليد 1963 بنغازي ليبيا، تخرج في كلية أصول الدين والدعوة بالمدينة المنورة، ونال الماجستير في التفسير وعلومه من جامعة أم درمان، ثم نال الدكتوراه في الدراسات الإسلامية برسالته في فقه التمكين في القرآن عام 1999، والتي طبعت في كتاب بعد ذلك.
له العديد من المؤلفات في التاريخ والسير، منها: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط – صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي – موسوعة الحروب الصليبية، والعديد من الكتب في سِيَر الخلفاء والقادة.