لماذا لا ننتفع بالقرآن؟
لماذا لا ننتفع بالقرآن؟
إن القرآن هو القرآن، وأدوات الانتفاع به التي نملكها من أذن وعين ولسان وقلب هي نفس الأدوات التي استخدمها الصحابة فأوصلتهم إلى تلك المرتبة العالية في تعاملهم مع القرآن، فلماذا لا يحدث معنا مثل ما حدث معهم؟
يمكن إجمال العوامل المانعة من الانتفاع بالقرآن إلى عدة أسباب، منها: الصورة الموروثة عن القرآن، أي الصورة التي طبعت في أذهاننا، في مراحل الطفولة للقرآن أنه لا يحضر إلا في حالات الاحتضار والنزع والوفاة، أو عند زيارة المقابر، أو نلجأ لقراءته عند أصحاب الأمراض المستعصية، وهي قراءات لا تتجاوز الشفاة، لقد ورثنا القرآن ككتاب مقدس تقديسًا شكليًّا؛ نُقبِّله، ونفتتح به الحفلات والمناسبات، وتكتب آياته في تابلوهات أنيقة تزين الجدران، أو تدق على مصكوكات من الذهب والفضة لتتزين بها النساء.
ومن الأسباب طول الإلف؛ فمنذ الصغر قد ألفنا القرآن يُتلى بنغمة وتراتيل معينة، لا تظهر هذه النغمة في كلام آخر، وباستمرار سماع هذه النغمة تعودتها الأُذن، وألِفتها دون محاولة الإصغاء إلى معنى الكلام الذي يصاحبها، ومما ساعد على عدم الإصغاء للخطاب القرآني أن المستمع في الغالب يكتفي بجو الروحانية، والشعور بالارتياح الذي ينشأ عند سماع أصوات المقرئين ينساب في المكان.
كذلك نسيان الهدف من نزول القرآن أحد الأسباب الحائلة للانتفاع بالقرآن، فليس الهدف من القرآن مجرد التلاوة، أو التماس البركة، وهو مبارك حقًّا، ولكن بركته الكبرى في تدبُّره، وتفهُّم معانيه ومقاصده، ثم تحقيقها في الأعمال الدينية والدنيوية على السواء.
أيضًا من الأسباب المانعة من الانتفاع بالقرآن؛ الانشغال بفروع العلم والتبحر فيها، وليس المقصد هو الدعوة لترك التراث الضخم في شتى فروع الثقافة، الذي أفاد البشرية كلها، بل المقصد دراسة الأسباب والعوامل التي أدت إلى انزواء دور القرآن في أذهاننا، ولإعادة ترتيب الأولويات، ووضع الانتفاع الحقيقي بالقرآن على رأس قائمة الرعاية والاهتمام، ثم تأتي السُّنَّة بعده، ثم سائر العلوم الأخرى التي تخدم الإنسان وتنفعه في الدارين.
الفكرة من كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن
مع تيسُّر القرآن للجميع إلا أن غالبية الأمة قد أعرضت عنه كمصدر متفرد لتوليد الإيمان وتقويم السلوك، واكتفت منه بتحصيل الأجر والثواب المترتب على تلاوته وحفظه، بالإضافة إلى ذلك الواقع المرير الذي تحياه أمتنا، واحتياجها الماس إلى مشروع ينهض بها، ويعيدها إلى سيرتها الأولى، ومن هنا يبدأ الكاتب رحلته في الحديث عن القرآن وقيمته العظيمة، وكيفية الانتفاع به ليحدث الوصال الحقيقي بين القلب والقرآن فيتغير تبعًا لذلك الفرد ومن ثمَّ الأمة كما حدث مع الجيل الأول، وحتى يدخل القرآن القلب يتطلب ذلك أن نتعامل مع القرآن بالطريقة التي تحقق هذا الهدف، والتي أرشدنا إليها الله (عز وجل) في كتابه، ورسوله (صلى الله عليه وسلم) في سنَّته، وطبقها الصحابة (رضوان الله عليهم).
مؤلف كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية، التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من أبرز مؤلفاته:
حطِّم صنمك.
الإيمان أولًا فكيف نبدأ به.
كيف نحب الله ونشتاق إليه.
التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم.