لماذا تتأثر جميع المخلوقات به؟
لماذا تتأثر جميع المخلوقات به؟
لماذا انبهر كلُّ من استمع للقرآن به؟ المسلم وغير المسلم ولو كان في آخر أطراف الأرض ولم يعلم من الأديان السماوية شيئًا، ولماذا يقول الله تعالى إن الجبل بضخامته يخشع ويتصدَّع من خشية الله إذا أُنزل عليه القرآن، إن البخاري يروي أن جبير بن معطم لما أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) يفاوضه في أسرى بدرٍ، ووجده يُصلي بالمسلمين في صلاة المغرب فسمع آيات الله في سورة الطُّور، فقال جبير: “كاد قلبي أن يطير”، وكان حينها مُشركًا في أشد لحظات عداوته مع النبي والمسلمين.
وتلك المخلوقات الخفية “الجنُّ”، لما هيَّأ الله مجموعةً منهم للنبي حين كان يصلي بأصحابه صلاة الفجر، ولما استمع الجن “يُسمون جن أهل نصيبين”، إذا بهم يقتربون من رسول الله وأصحابه ويوصون بعضهم بالإنصات، ويقول تعالى في كتابه: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا﴾.
وقد وصلت الظاهرة حتى لصالحي أهل الكتاب الذين لما استمعوا القرآن تأثَّروا وابتدرتهم دموعهم، فقال الله تعالى عنهم: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾، وهذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما أمر عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه، فكان رد بن مسعود “أقرَأُ عليكَ يا رسول الله وَعَليك أُنزل؟”، فقال النبي: “إنِّي أشتهي أن أسمعه منْ غَيري”، فقرأ من سورة النساء حتى إذا بلغ ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، أمره النبيُّ أن يتوقَّف، وكانت عيناه تذرفان الدمع.
الفكرة من كتاب الطريق إلى القرآن
حين تمر أعوام المرء عليه يجد نفسه قد تعلَّق بالدنيا وغفل عن كل أساسٍ بناه الإسلام والقرآن، قد يُصلِّي ويقوم بعباداته ولكن دون الخيط الذي خُصِّص هذا الكتاب بأكمله لأجله، وهو أن كل شيء وكل حدثٍ مرتبط بالله (عز وجل)، وقد لجأ المسلم إلى الحياة المنطقية التي ابتعدت كل البعد عن الثقة في تدبير الله والضمان الإلهي، وخصوصًا فيما يتعلق بأمور الرزق والوظيفة والحياة عمومًا، ولم يكن القرآن أبدًا بعيدًا عن النهضة والحضارة كما يدَّعي البعض.
مؤلف كتاب الطريق إلى القرآن
إبراهيم السكران: هو باحث ومفكر إسلامي، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما نال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا، ومن أهم مؤلفاته:
رقائق القرآن.
الماجريات.
سلطة الثقافة الغالبة.