لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟
لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟
كان ذلك هو السؤال الأشهر الذي ظل صداه يتردد طوال القرن العشرين، والذي صاغه شكيب أرسلان عنوانًا لكتابه، الذي كُتب له الخلود عبر مختلف البيئات الثقافية، واتخذ لسنين شعارًا للحركة الإصلاحية، كان كتابه في الأصل ردًّا على رسالة تلقاها الشيخ محمد رشيد رضا طلب صاحبها إجابة وافية شافية من شكيب أرسلان عن أسباب ما يعانيه المسلمون في حالهم ومعاشهم، فتواصل الشيخان وبمجرد عودة شكيب أرسلان من أوروبا، كتب إجابته بلسان حال المتأثر والمتألم.
أرجع الكتاب تقدم المسلمين في الماضي إلى تمسكهم بالإسلام وتطبيقهم الصحيح له، وقال إنهم ما تراجعوا إلا بعد أن ضربهم الجبن والخوف والجمود بالذل والهلع، ثم فقدوا الثقة في أمتهم، فكل صراع يدخلونه أو سباق محكوم عليه بالفشل في أذهانهم، فأصبحت نتيجة التفوق الأوروبي حتمية لا راد لها، ويرى الشيخ أن بداية الحل تكمن في استرداد الشجاعة للتضحية بالنفس والمال والوقت في سبيل الجهاد لهذا الدين، حتى يسترد المسلمون مكانتهم مرة أخرى .
طالت الكتاب جميع أنواع التعليقات، ما بين إطراء وشكر إلى نقد وهدم، فتارة اعترض البعض على صيغة السؤال نفسه، مثل المفكر الجزائري مالك بن نبي الذي رأى أن الحضارة الإسلامية انتهت بخروجها الطبيعي من دورة الحضارات، بينما أشار آخرون إلى أن هنالك دولًا غيرنا في أوروبا والعالم متأخرة، فحتى التفاوت وقع عندهم، بينما انتقد البعض الإصرار على استمداد الفترة الذهبية للحضارة الإسلامية من ماضيهم ووصفوا المشروع بالمثالية الحالمة، ورأوها عائقًا زمنيًّا غير مرئي أمام النهضة.
بالطبع تعددت انتقادات تلك الأطروحات، خصوصًا وأنها لم تتغير رغم مرور السنين، وتبدل موازين القوى العالمية، ومواقف التراث والغرب.
الفكرة من كتاب عصر النهضة: كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟
عندما نسمع مصطلح عصر النهضة، ما أول شيء يقفز إلى أذهاننا؟ أراهن أننا نتخيل الفترة التي امتدت ما بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر في أوروبا، يرجع هذا إلى عوامل كثيرة منها سطوة الفكر الغربي على الحياة الفكرية المعاصرة، بالإضافة إلى جهلنا بالجذور الفكرية لأمتنا.
إذ إننا نمتلك أيضًا عصرًا للنهضة، حاول فيه علماء ومفكرون أجلاء بعثَ الأمة الإسلامية والعربية من مرقدها، وتنوعت إسهاماتهم في مختلف المجالات الفكرية والدعوية والاجتماعية والسياسية، فما ملامح تلك الفترة الزمنية؟ متى بدأت؟ وأين انتهت؟ ولماذا؟ ومن الذين أخذوا على عواتقهم مسؤولية محاربة الجهل والخرافات المسيطرة وقتها؟ وهل ما زالت لتلك الفترة آثار في عالمنا المعاصر؟
مؤلف كتاب عصر النهضة: كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟
زكي ميلاد، كاتب وباحث ومؤلف سعودي الجنسية، ولد في القطيف عام 1965م، اهتم بالفكر الإسلامي المعاصر دراسة وتأليفًا، وهو عضو في العديد من الهيئات الاستشارية الفكرية والمؤسسات المختلفة، كما أنه رأس تحرير مجلة الكلمة المهتمة بشؤون الفكر الإسلامي ببيروت، له العديد من المؤلفات، كتبًا وتراجم ورسائل منها:
محنة المثقف الديني مع العصر.
المسألة الحضارية.. كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغير؟
كما أنه نشر مئات المقالات في العشرات من المنابر الإعلامية في مختلف عواصم العالم العربي.