لماذا انتحر يوكيو ميشيما؟
لماذا انتحر يوكيو ميشيما؟
قبل وصول يوسف إدريس إلى اليابان في رحلته بأربعة أيام كان قد وقع فيها حدث فريد شاعت أخباره وطارت به الصحف العالمية، كان الكاتب الياباني “ميشيما” الأشهر في آسيا والذي يُوصف بأنه أعظم موهبة أدبية يابانية في تاريخها الحديث قد انتحر بطريقة “الهيراكيري”، وهي طريقة عندهم للانتحار بطقوس خاصة، وقد استاء المؤلف عندما علم بأن الكاتب الأمريكي “آرثر ميلر” وصف انتحار “ميشيما” بأنه “فاصل استعراضي” أقبل عليه لما لم يجد ما يكتبه”، إذ إنه لا يُعقل أن تنتهي الحياة الأدبية لكاتب في سن الخامسة والأربعين هكذا، فضلًا عن أنه لا تلازم بين إنهاء حياته ككاتب وإنهاء حياته كإنسان! لكن مثل هذا الحدث عسير الفَهم على أصحاب حضارة اللاشيء مع كونهم يسلكون مسلكًا أهوج مع القارة الآسيوية.
لنعود إلى “ميشيما” مرة أخرى والذي بدا إقدامه على الموت عملًا فنيًّا بامتياز على الرغم من كل الحزن الذي يعتصر القلوب في مواقف كهذه. كان “ميشيما” قد أنهى آخر فصلين من آخر جزء من رباعيته الروائية التاريخية عن اليابان، وبعد أن انتهى سلَّم عمله للناشر وفي اليوم نفسه كان قد تجهز بكل ثبات وثقة لهذا الحدث الجلل دون أن تضطرب مشاعره أو ثقته لحظة واحدة أو تنهار أعصابه، ثم أقبل على الموت رغم كل ما حققه من نجاح وإبداع إلى درجة أن تم ترشيحه لجائزة نوبل. يدعونا نموذج “ميشيما” إلى إعادة النظر في أحوالنا واهتمامنا بتوافه الأمور وفي حالة الإغماء التي أدخلنا أنفسنا فيها بإرادتنا إذ لم يجبرنا أحد عليها.
تُرى ما الذي دفع “ميشيما” للانتحار؟ إنه أمر غريب بالنسبة إلى عالمنا، لكنه واقعي جدًّا في اليابان -وآسيا كلها- طاغية القومية والتي يحبها أهلها وينتمون إليها إلى الحد الذي يجعل المريض منهم إذا سار في الشوارع يضع شيئًا على أنفه كي لا ينقل الميكروبات إلى أهل بلده! لقد انتحر “ميشيما” لا لفشله هو أو لضعف منه، ولكنه انتحر عندما شعر بخيبات الأمل في أحوال بلاده التي أخذت تنسى ماضيها وتقبل بالثقافة الغربية وعلومها.
الفكرة من كتاب اكتشاف قارة
مقدِّمة
في رحلة الدكتور يوسف إدريس إلى آسيا لحضور أحد المؤتمرات والتعرف على ثقافة المنطقة وحضارتها كتب هذا الكتاب ناقلًا لنا مشاهد تلك القارة وخصائصها وطباعها وشخصية أهلها، وهو على ذلك يعقد مقارنات بينها وبين الشرق الأوسط والغرب، فلا يتحدث عن معالم الأمكنة والمزارات بل عن الإنسان نفسه؛ فيمزج التاريخ بالحاضر ليتنبأ لنا بالمستقبل.
مؤلف كتاب اكتشاف قارة
يوسف إدريس (1927- 1991): روائي وكاتب وصحفي مصري، درس الطب وعمل طبيبًا بقصر العيني، ثم صحفيًّا بجريدة الجمهورية ثم بالأهرام، حصل على وسام الجمهورية 1963م، وله رحلات إلى مختلف بلدان العالم.
ألف العديد من الكتب، ومن أبرزها:
البطل.
نيويورك 80.
شاهد عصره.
أرخص ليالي.
أهمية أن نتثقف، يا ناس.