لماذا التليفزيون؟!
لماذا التليفزيون؟!
لماذا نحن بصدد الحديث عن التليفزيون دون غيره من الوسائل الإعلامية الأخرى؟ لسببين: الأول أن الحديث عن التليفزيون يعني الحديث عن قطاع أوسع من الجماهير، فالتليفزيون أكبر وسيلة إعلامية لها صدًى.
والسبب الثاني هو أن التليفزيون يُنبه أن هناك خطرًا قادمًا على جميع الأصعدة الثقافية، فبخلاف ما يَدعيه بعض الصحفيين ذوي النية الحسنة، فالتليفزيون يُنوه بخطورته بشكل صريح، بل إن خطورته لا تقل عن خطورة الأمور السياسية، فبقليل من متابعة المحتوى التليفزيوني وتحليله تستطيع أن تكتشف اللُّهاث وراء مزيد من المُشاهدة والمتابعة، ويشترك مع التليفزيون في هذا قطاع كبير من الصحافة، وفي أثناء هذا الركض خلف المُشاهد تنازلوا عن أخلاقيات مهنية وروّجوا أمورًا أخرى كالتحريض والعنصرية.
ومن أبرز الأمثلة التوضيحية لذلك، المُزايدة والتنافس على الجذب ونسب المُشاهدة في حادثة الحدود التي وقعت بين تركيا واليونان آنذاك، فكيف أثارت كلتا القوتين الحمى القومية والمشاعر الشعبية من خلال التليفزيون؟ وكيف تناولت نزول القوات العسكرية اليونانية والتركية في تلك المنطقة.
وإذا نظرنا إلى الآليات التقنية المُستخدمة في التليفزيون، نجد أن هناك طريقة لكل شيء، فمثلًا هناك دلالات لكل صورة، بل لكل زاوية كادر، وذلك لإيصال رسائل خفيّة إلى المُتلقى دون وعي منه، لكن القائم عليها يُدركها جيدًا.
إن العاملين في الوسط الإعلامي يستخدمون رموزًا خاصة بهم ولغة تليفزيونية تُدرَّس ويتدرب عليها كل من يدخل هذا المجال، فالأشياء ليست كما تَبدو عليه في ظاهرها، وحتى مكنوناتها تحمل الكثير، فعندما ترى صورة لضابط يمتطي حصانًا، تنظر إليها -أنت المُشاهد- على أنه ضابط ويمتطي حصانًا فقط، ولكن وراء هذه الصورة معنًى آخر.
الفكرة من كتاب التليفزيون وآليات التلاعب بالعقول
يكشف بورديو القناع عن الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام -المرئية منها بشكل خاص- من تلاعب وتأثير في عقول المشاهدين، وكيف تشكل هذه الوسائل الأفكار والرأي العام بما يتناسب مع الجهات المهيمنة على الإعلام، ويجيب الكتاب عن عدد من الأسئلة المهمة، منها: لماذا التليفزيون دون بقية وسائل الإعلام؟ هل يمكن للمفكرين الامتناع عن المشاركة التليفزيونية؟ ولماذا يقبل العلماء والباحثون الاشتراك في البرامج؟ وكيف تُؤَطَّر المعلومات قبل أن تصل إلى المشاهدين؟ وكيف يزيف التليفزيون الحقائق؟ وكيف يتجنب المثقفون هذا التزييف؟
مؤلف كتاب التليفزيون وآليات التلاعب بالعقول
بيير بورديو: عالم اجتماع وفيلسوف فرنسي، ولد عام (١٩٣٠م) في جنوب فرنسا، درس الفلسفة في مدرسة المعلمين العُليا في باريس ونال فيها شهادة الأُستاذية في الفلسفة، ودرس في كلية الآداب في الجزائر واهتم بالدراسات الأنثروبولوجية والاجتماعية، كما درس الفلسفة في السوربون وأصبح مديرًا لقسم الدراسات في مدرسة الدراسات العُليا، ثم مديرًا لمعهد علم الاجتماع الأوربي، وانتُخِب لكرسي علم الاجتماع في “الكوليج دو فرانس”، مات في ٢٣ يناير (٢٠٠٢م).
أنتج بيير بورديو أكثر من 30 كتابًا ومئات من المقالات والدراسات التي ترجمت إلى عديد من اللغات في العالم من بينها اللغة العربية، منها:
– بؤس العالم مع آخرين.
– تأملات باسكالية.
– السيطرة الذكورية.
عن المُترجم:
درويش الحلوجي: تخرج في كلية العلوم جامعة القاهرة، وعمل في مجال البحث العلمي بالمركز القومي للبحوث العلمية بالقاهرة، ثم في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا.
وله عدد من الدراسات الأكاديمية، منها:
الانتفاضات الشعبية في مصر.
العنف السياسي الاجتماعي في مصر.