للحب أوجه أخرى
للحب أوجه أخرى
وللحب أنواع مختلفة، فهو ليس مقتصرًا على الحب الحميم والخاص بين الجنسين، فالإنسان في الأساس يمارس أدوارًا مختلفة في الحياة، وبالتالي لا تتمركز عواطفه في اتجاه واحد، فهناك عواطف تجاه الأسرة والمجتمع والأمة، لذا فالحب لا يتمركز تجاه أشخاص فقط، بل يكون الحب أحيانًا لفكرة أو مكان، وحتى الحب بين الرجل والمرأة له أكثر من معنى، تبعًا لمكانة المرأة، فالمرأة قد تكون للرجل أمًّا، أو بنتًا، أو أختًا، وكل هذه الأنواع من الحب لها معنى ومذاق مختلف تمامًا، وتتسع هذه الأنواع وتتداخل، ولكنها لا تتصادم أبدًا معًا؛ بحيث لا تؤدي شدة نوع ما من الحب إلى ضعف الآخر، وهذا ينفي ضلالة كون شدة حب الحبيبة يؤدي إلى ضعف حب الله، أو حب العلم مثلًا، ويؤكد حقيقة أن حب الله هو الأساس الذي تُبنى عليه كل أنواع الحب الأخرى.
أما الغرب فيدعمون النظرة المادية الحسية للحياة، التي لا تفرِّق بين الحب والجنس، وأتت هذه النظرة المادية من تحرُّج كثير من الديانات في البداية من مفهوم الجنس والجسد، وتقديس الرهبنة، فتفجرت ثورة الجسد، وتخدم لغة تلك الثقافة هذه الفكرة، فكلمة الحب في اللغة الإنجليزية “LOVE” تقتصر على العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة، لكن إذا أراد المرء أن يُعبر عن حبه للوطن مثلًا يستخدم كلمة “like” وهي كلمة أكثر حميمية ومودة تفتقدها العلاقة العاطفية عندهم، وتلك الجملة “I Love You” لا تمثل عندهم أكثر من دعوة لممارسة الجنس، لكن اللغة العربية تفرَّدت بمفردة الحب الشامل، فقد وردت كلمة الحب في البيان الإلهي أكثر من ثمانين وضعًا، باشتقاقات مختلفة لها، كما ورد لفظ الحب على لسان الرسول (صلى الله عليه وسلم) في مواضع كثيرة مختلفة، فلم يحصره على العلاقة بين الرجل والمرأة.
لكن من المحزن تسرُّب هذا المفهوم الضيق للحب من هذه الأمم القوية إلى الأمم العربية والإسلامية المستضعفة، تحت تأثير خدعة التقدم، ولا يمكن إنقاذ ذلك إلا من خلال تنشئة الأطفال على أصالة الإسلام والثقافة الربَّانية، التي تهتم لحاجات الإنسان كلها.
الفكرة من كتاب الحُب كيف نفهمه، وكيف نُمارسه؟
إن أعمق حاجات الإنسان حاجته إلى التغلب على شعوره بالعزلة والاغتراب، وليس هناك من وسيلة لتحقيق ذلك إلا بالحب، فهو الجسر الوحيد أمام الإنسان ليخرج من سجن الذات إلى اتساع الكون ورحابة الآخرين.
فتحاول الكاتبة هنا إزالة الالتباس بين الحب وضلالاته، والتفريق بين أنواع الحب المختلفة، وبين الحب والرغبة والحاجة، وتلقي الضوء على ضرورة التعلُّم عن الحب وعلاماته لكي يسهل التفريق بينه بين المؤامرات المُرتكَبة باسمه.
مؤلف كتاب الحُب كيف نفهمه، وكيف نُمارسه؟
صهباء أحمد محمد بندق: حاصلة على بكالوريوس العلوم وبكالوريوس الطب والجراحة جامعة القاهرة، وحاصلة على دبلوم الدراسات الإسلامية، وعضو هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة، وهي مستشارة صفحة “الاستشارات الصحية” بموقع إسلام أون لاين، ومن مؤلفاتها:
هشاشة العظام الخطر الصامت.
الدلائل الإرشادية الخاصة بتخزين الأدوية الأساسية وغيرها من المستلزمات الصحية.