لغات مختلفة.. نحو عالمي!

لغات مختلفة.. نحو عالمي!
قد تبدو لغات العالم مختلفة في الظاهر، لكنها تشترك جميعها في مبادئ أساسية تحكم بناءها النحوي وتنظم تركيبها، فمثلًا في جميع اللغات، يتماشى الفعل مع الفاعل في العدد والجنس، وليس مع الكلمة التي تسبقه مباشرة، وقد تصنف اللغات الأفعال حسب الزمن، إن كان الفعل حدث في الماضي أو يحدث في الحاضر أو سيحدث في المستقبل، لكننا لا نرى أي لغة تصنف الأفعال حسب الحالة المزاجية للمتكلم، ويوجد كثير من القواعد المماثلة التي تتكرر في اللغات البشرية المعروفة كافة، فهل يمكن للأمر أن يكون مجرد مصادفة؟!

في دراسة أُجريت في ألمانيا، تم تعليم مجموعة من الألمان قواعد نحوية للغتين الإيطالية واليابانية، ولم يكن قد سبق لهم التعرض لأي منهما من قبل، كانت بعض هذه القواعد مختلقة ولا تتبع القواعد العامة للغات البشرية، كأن يتماشى الفعل في العدد مع الاسم الذي يسبقه وليس الفاعل كما ذكرنا. وباستخدام تقنية الرنين المغناطيسي، تبين أن المشاركين استطاعوا استيعاب القواعد الحقيقية والمختلقة، مع تفوق طفيف للقواعد الحقيقية، وبمرور الوقت بدأت أجزاء مختلفة من الدماغ بالتفاعل بشكل أكبر مع استخدام هذه القواعد، ورُصِدَت اختلافات بارزة في نشاط مناطق الدماغ -خصوصًا منطقة “بروكا | Broca”- عند تعلم القواعد الحقيقية مقارنةً بالقواعد المخترعة، ما يشير إلى أن الدماغ يعالج القواعد اللغوية الطبيعية بطريقة مغايرة.
تؤكد هذه النتائج أن ثمة قواعد عامة وبيولوجية تحكم اللغات البشرية، وتشير إلى أن أدمغتنا مبرمجة بطريقة تمكنها من التعرف على البنى اللغوية الطبيعية وتفضيلها على القواعد غير المألوفة أو الاصطناعية، وهذا يعكس القدرة الفطرية للدماغ البشري على تعلم اللغة.
الفكرة من كتاب لغة بلا حدود: العلم وراء قوتنا الإبداعية الأكبر
إذا سألتك عما تفعله الآن، فقد تكون إجابتك: “أنا أقرأ ملخص كتاب “لغة بلا حدود” عبر تطبيق أخضر”، أو “إنني مستغرق في قراءة ملخص كتاب على أخضر”، أو “إني أطالع تلخيصًا لكتاب عن اللغة على هاتفي”، توجد مئات.. بل ملايين الجمل التي يمكن استخدامها للتعبير عن هذه الفكرة المفردة، ومعظمها لم يسبق لنا سماعه أو استخدامه، فما الذي يمكّننا من توليد هذا الكم الهائل من الجمل بشكل طبيعي دون تعلمها صراحةً؟
الحقيقة أن الإجابة عن سؤال كهذا ليست بالأمر البسيط أبدًا، وللوصول إليها علينا أولًا أن نمر بسلسلة طويلة من الأسئلة الأكثر تعقيدًا: كيف نتعلم اللغة؟ أو كيف نفهمها؟ وكيف يتعامل العقل مع الكلمات والجمل؟ وهل يمكن لأي من أنظمة التواصل الأخرى الموجودة أن تتطور وتصل إلى تعقيد اللغة البشرية؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة ويثير في أذهاننا مزيدًا من التساؤلات، من خلال عرضه الموجز لأهم الأبحاث والنظريات اللغوية التي طُرحت خلال المئة سنة الأخيرة.
مؤلف كتاب لغة بلا حدود: العلم وراء قوتنا الإبداعية الأكبر
ديڤيد أدجر: أستاذ اللسانيات في جامعة كوين ماري بلندن، شغل منصب رئيس جمعية اللسانيات البريطانية السابع عشر، ويُعد خبيرًا في دراسة أصول اللغة وقواعدها وطرائق تعلمها، وقد ألف كتابًا آخر يتعمق في هذه المواضيع تحت عنوان “Core Syntax: A Minimalist Approach”
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.