لعنة تيثونوس

لعنة تيثونوس
تحكي الأسطورة أن رجلًا يدعى “تيثونوس | Tithonus” طلب من الآلهة أن تمنحه الحياة الأبدية، وهذا ما حصل عليه، لكن بحلول سن الثمانين تحول تيثونوس إلى عجوز لا يستطيع الحركة وما تزال أمامه الحياة الأبدية، وتحولت معجزته إلى لعنة لا يستطيع الهرب منها. ما لم يدركه تيثونوس أن طول العمر يتكون من عنصرين، الأول هو المدة التي يعيشها، والثاني الذي لا يقل أهمية عن الأول هو مدى جودة الحياة، وهو ما نطلق عليه “health span”، وهو ما لم يطلبه تيثونوس، فانتهى به الأمر محتجزًا في غرفته حتى نهاية العالم.

عند الحديث عن جودة الحياة لا يمكننا نسيان الطب، فهو حليفنا الأقوى مع التقدم في السن، أو هذا ما نعتقده على الأقل، فهذا الحليف يواجه مشكلات عدة، أهمها: تدخله لحل المشكلات بعد وقوعها وليس قبل ذلك، ونتيجة لهذا نتجاهل علامات التحذير ونهدر فرص التدخل في الوقت الذي ما تزال لدينا فرصة فيه للتغلب على هذه المشكلات، وقد بدأت هذه المعضلة مع أبقراط ومقولته الشهيرة “أولًا: لا تُلحِق الضرر”، فهو ينص بإيجاز على المسؤولية الأساسية للطبيب، وهي عدم فعل أي شيء قد يجعل حالة المرضى أسوأ بدلًا من تحسينها، وهذه المقولة خطأ لسببين، هما: أن أبقراط لم يقل هذه الكلمات مطلقًا، لكنها عالقة في أذهان الجميع وتُنسب إليه، كما أنها غير مفيدة على مستويات متعددة، فالمخاطر ليست شيئًا يجب تجنبه بأي ثمن، بل شيئًا نحتاج إلى فهمه وتحليله والعمل معه.
ويمكن تلخيص دورة تطور الطب في ثلاثة عصور: العصر الأول الذي يمثله صديقنا أبقراط، وسنطلق عليه لقب الطب الأول، واستندت استنتاجات هذا العصر إلى الملاحظة المباشرة ودعمتها إلى حد ما التخمينات المحضة، وصل الطب في منتصف القرن التاسع عشر إلى العصر الثاني، وكان ذلك بسبب ظهور نظرية الجراثيم التي أدت إلى تحسين الممارسات الصحية وفي نهاية المطاف تطوير المضادات الحيوية، كان التحول من الطب الأول إلى الطب الثاني مدفوعًا جزئيًّا بالتقنيات الجديدة مثل المجهر، لكنه كان يتعلق بطريقة جديدة في التفكير، إذ مثل الطب الثاني سمة مميزة لحضارتنا، ومع ذلك أثبت أنه أقل نجاحًا بكثير في مكافحة الأمراض الطويلة الأمد مثل السرطان، وهنا كان لا بد من ظهور الطب الثالث الذي يهدف إلى منع الأورام من الظهور والانتشار في المقام الأول.
الفكرة من كتاب عمر أطول: علم وفن العيش لفترة أطول
نخاف جميعًا التقدم في العمر، ونود أن نحتفظ بصحتنا الجسدية والنفسية لأطول فترة ممكنة، فما الفائدة من طول العمر إن لم نتمكن من ترك السرير؟ ولا يعني طول العمر العيش إلى الأبد، فنحن لن نتمكن يومًا من التحرر من سهم الزمن، فكل شيء على قيد الحياة سوف يموت حتمًا، لكننا قد نتمكن من التحرر من تأثيرات سهم الزمن.
فما لعنة تيثونوس | Tithonus؟ وهل الشيخوخة هي المصير الحتمي؟ وكيف يمكن للطب مساعدتنا؟ وأخيرًا هل يمكن لتعديلات الروتين ونمط الحياة اليومي أن تتحول إلى دواء فعال للوقاية من الشيخوخة؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب عمر أطول: علم وفن العيش لفترة أطول
بيتر عطية: طبيب كندي من أصل مصري، حصل على شهادة الدكتوراه في الطب من جامعة ستانفورد، ثم عمل طبيبًا مقيمًا في جراحة الأورام في مستشفى جونز هوبكنز، كما أسس شركة “عطية ميديكو”، التي تقدم خدمات الاستشارات الطبية للشركات والأفراد عن كيفية تحسين صحتهم.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.