لعنة الجيولوجيا.. من خزانات الشركات إلى جيوب الحكومات
لعنة الجيولوجيا.. من خزانات الشركات إلى جيوب الحكومات
في سبعينيات القرن الماضي، شعرت دول العالم بحالة عامة من التفاؤل والرضا عن المستقبل في ظل الموارد الطبيعية الجديدة، وبخاصة دول العالم النامي التي أصبح في انتظارها مستقبل أكثر ثراءً ورفاهية، هذا التفاؤل كان يمكن أن يصبح منطقيًّا إن كانت تلك الثروة الطبيعية أي شيء آخر، لكنها كانت النفط، النقمة التي ستمحو هذا التفاؤل في ما بعد، فليست صدفة أن تكون معظم البلاد النامية الواقعة في شرك الاستبداد والمغلولة بالحروب الأهلية دولًا منتجة للنفط، ليس هذا قرار الجيولوجيا، وعلى أية حال فكثير من دول العالم الحر تحوي احتياطيات كبيرة من النفط وتنتجه،
لكنه لم يؤثر بأي شكل في تلك الديمقراطيات المستقرة، هذه هي المفارقة النفطية التي تقول إن الدول الأكثر احتياجًا إلى موارد النفط هي الأقل استفادة من هبتها الجيولوجية، لقد كان شائعًا بين علماء الاقتصاد وخبراء السياسة أن الثروة النفطية المتدفقة إلى تلك البلدان الفقيرة ستنعكس نتائجها على طبيعة سياستها ومجتمعها، وتحدو بها سريعًا نحو حظيرة الديمقراطية، لكن لعنة الموارد أثبتت خطأهم جميعًا.
ما حدث في السبعينيات حمل أخبارًا -في ظاهرها- سعيدة تستدعي أعيادًا قومية وفخرًا أمميًّا، كانت صناعة النفط في الدول النامية تحت سيطرة الشركات الكبرى، حددت تلك الشركات معدلات الاستخراج والتنقيب واستطاعت لفترة طويلة تسويق ونقل النفط وتحقيق أرباح طائلة ثم ترك الفتات للدول المنتجة، لم تُطق حكومات الدول النامية هذه القسمة الجائرة، وبدأت ثورة التأميم لتَطرد تلك الشركات وتنتقل ملكية مصافي النفط إلى أصحابها، لكن ما بدا انتصارًا قوميًّا كان في الحقيقة بداية حقبة اللعنة، فتلك الحكومات ستعتمد على إيرادات النفط الضخمة بديلًا من الضرائب، ومن ثم لن تهتم كثيرًا برضا مواطنيها أو سخطهم، بل ستكون هذه الإيرادات سلاحها ضد المعارضة ووتدًا جديدًا للاستبداد، الأمر بالنسبة إلى مواطني تلك الدول لم يتغير كثيرًا، فما كانت تنهبه الشركات العالمية، تلتهمه الآن الحكومات الوطنية.
الفكرة من كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
يطيب للناس أن يتعاملوا مع اكتشاف الموارد الطبيعية، كالنفط وأشياء أخرى عديدة، على طريقة الفوز باليانصيب وبداية عصر الأحلام، غير أن الأمر يحتوي على مضاعفات وسيناريوهات بقدرتها أن تُحول الكنز الجديد إلى فخ متقن، حتى السياسيون لم ينجوا من هذا الفخ، بل سيطرت عليهم حالة من التفاؤل في بداية سبعينيات القرن الماضي إزاء التدفقات الضخمة التي توافدت إلى البلدان النفطية،
لكن ما الذي حدث ثم جعل تلك البلاد لا تحقق معدلات النمو التي كانت مرسومة لها؟ يبدو أن تلك الكنوز لم تكن نتائجها صافية كما بدا للمراقبين، وكانت تستدعي بعض الحذر والشك في التعامل مع إيراداتها بدلًا من الجشع والنهم الذي قُوبلت به، فماذا حدث لتلك البلدان ولماذا؟
مؤلف كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
مايكل روس: أستاذ بكلية العلوم السياسية ومعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حصل في عام 1996م على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون ثم عمل أستاذًا لها في جامعة ميتشجان حتى عام 2001م، تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي والديمقراطية والفقر والموارد الطبيعية في البلدان النامية، وقد حاز جائزة “Heinz Eulau” عن مقالته “النفط والإسلام والمرأة” من جمعية العلوم السياسية الأمريكية.
من أهم أعماله:
Oil, Islam and Women
Designing Fictions: Literature Confronts Advertising
Timber Booms and Institutional Breakdown in Southeast Asia
معلومات عن المترجم:
محمد هيثم نشواتي: مترجم بارز ومن أعماله:
الإسلام ضد الغرب: شكيب أرسلان والدعوة إلى القومية الإسلامية.
الحرب الصليبية الثانية: حرب الغرب المستعرة مجددًا ضد الإسلام.