لحظة أسرية بين أخ وأخته
لحظة أسرية بين أخ وأخته
يتذكر الكاتب أخته أديل المقيمة في ألمانيا ليقرر أن يكتب لها رسالة، وكان كل ما عرف عنها أن صحتها لم تكن جيدة، وأنها بحاجة إلى عناية لم تكن متوافرة في منزلها، بل حتى لم يكن متأكدًا إن كانت ما زالت حية أم ماتت، لكن يواسيه أنها على الأقل لديها مكان تعيش فيه، فيتذكر ماضيهما الجميل، وعائلتهما التي مُيِّزت بصلاتها الحميمة، كما يخبرها أنه قد نشر كتابًا كتب في أولى صفحاته “مُهدى الى أختي أديل” آملاً أن يصل إليها ذات يوم.
وقد يظن البعض أن سويسرا البلد المحايد (محل إقامة هيرمان هيسه) كانت ذات حظٍّ سعيد، إذ لم تعانٍ ولم تفقد أي شيء، لدرجة أن وصف أحد الألمان أهلها بآكلي البسكويت تعبيرًا عن رفاهيتهم، ولكن لم يتفق هيرمان مع ذلك الرأي، فلقد فقَد أهل تلك البلد أقاربهم وأصدقاءهم الذين تم إحراقهم في المعسكرات الألمانية أيضًا.
وفي عام 1946م يرسل هيرمان هيسه هذه المرة رسالة إلى بلده ألمانيا بعد أن وصلته رسائل عديدة من سكان وطنه مفادها أن صديقًا له ما زال حيًّا، لكن معظم الرسائل لم تكن سارة كهذه، إذ امتلأت بالشكوى والنقد وطلب المعونة، كما يتذكَّر رسالة وصلته من سجين ألماني في فرنسا يبرر عدم مقاومته لهتلر لتخوُّفه من قطع رزقه وتشريد عائلته ليجيبه الكاتب أن الشعب الألماني كان بمقدرته ألا يدع طاغية مثل هتلر يصل إلى الحكم، وعلى الرغم من كثرة الرسائل فلم يكن لديه الكثير ليقوله لغالبية مراسليه الألمان، لكنه تيقَّن بحدوث تغير جوهري ووعي واضح لديهم يجعلهم يتخذون طريقًا غير الذي سُلِك سابقًا.
الفكرة من كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
يعدُّ الباحثون أن مُفكِّرًا بمكانة “هيرمان هيسه” عاصر أعظم حربين شهدهما العالم، وهو وأعماله بمثابة كنزٍ بشري، ولا نرى هنا مؤلفنا يتحدَّث عن أحداث الحرب، إنما يحلِّل حال بلادِه “ألمانيا” وحال أهلِه، ويأخذنا إلى خواطره ورسائله إلى وزيرٍ مسؤول وحتى إلى أصدقائه وأقاربه، فنرى أن عمله يُخاطب الرُّوح الإنسانية التي نشأت في جوٍّ من السياسة والحرب، متسائلًا: هل الحرب منبعها الأديان أم الناس؟ هل يجب على كل إنسان أن يحمل على عاتقه هدف تحسين العالم؟ أم يكفيه تحسين نفسه بكل ما هو إنساني؟ إن كانت الحرب تعمل على تفريق الشعب، فلماذا لا نلاحظ أن الثقافة تعمل على ترابطهم وانصهارهم؟
مؤلف كتاب إذا ما استمرت الحرب.. مذكرات في الحب والحرب والسلام
هيرمان هيسه Hermann Hesse: كاتب سويسري من أصل ألماني، عُرِف بكثرة خلافاته مع أسرته لتمسُّكها المفرط بالبروتستانتية، بعد إنهائه دراسته في مدرسة “آلان” في شتوتغارت اتجه إلى بعض الأعمال الشاقة كالعمل الميكانيكي في مصنع للساعات، ولكن اتجه بعدها إلى العمل في مكتبة في “توبنجن” التي كانت سببًا في ظهور موهبته ودخوله إلى المجال الأدبي، فبدأ بالشعر ثم اتجه إلى الروايات الفلسفية والتربوية، وحصل على جوائز كبرى كجائزة نوبل في الأدب وجائزة غوته عام 1946م.
من أهم كتبه ومؤلفاته: ذئب البوادي – رحلة إلى الشرق- رواية تحت الدولاب- لعبة الكريات الزجاجية.
أحدث التعليقات