لجنة الإفراج المشروط عن السجناء
لجنة الإفراج المشروط عن السجناء
كان الدافع الأول الذي دفع الطلبة إلى المشاركة في سجن ستانفورد هو “المال”، فلم يكن لديهم أي مصدر دخل آخر، لذا عُقدت لجنة للإفراج المشروط عنهم، وبعد النظر في أمرهم، وجدت اللجنة أن أربعة من بين سبعة سجناء مُستحقون للإفرج لحسن سلوكهم، سألت اللجنة السجناء الأربعة -كُلٌّ على حدة- إذا كانوا مستعدين للتنازل عن مستحقاتهم المالية التي سوف يحصلون عليها من التجربة مقابل الإفراج عنهم؟ أجاب ثلاثة منهم بـ”نعم”، بينما رفض السجين الرابع الإفراج عنه إذا عنى ذلك التنازل عن مستحقاته المالية، وعلل ذلك بأنه يحتاج إلى المال.
لوحظ على السجناء الذين قبلوا التنازل عن المال مقابل حريتهم، أنهم كانوا مستسلمين لحرَّاس السجن، وكانوا يتبعون أوامرهم كقطيع من الغنم، لكن الأكثر إثارة للانتباه، أن أيًّا منهم لم يقل بما أنني لستُ في حاجة إلى المال، فأطلقوا سراحي الآن، بالرغم من أنهم إذا طلبوا ذلك، لأفرج عنهم في التو واللحظة! ومن ثمَّ نستنتج من عدم طلبهم الإفراج عنهم، أنهم ما عادوا يفكرون في الأمر على أنه مجرد تجربة أو محاكاة، بل شعروا أنهم سجناء حقيقيون، ومن ثمّ تلاشى الحد الفاصل بين الواقع والتجربة، وصار السجناء منغمسين في دورهم المرسوم لهم.
أما بالنسبة إلى الحرَّاس، فقد ذكر أحدهم أنه شعر في عدَّة مرات أن هؤلاء السجناء غير آدميين، وذكر آخر أنه بمرور الوقت فقدَ السيطرة على نفسه، وبدأ يشعر أنه حارس في سجن حقيقي، وأنه أقدم على تصرفات لم يخطر في باله أن بإمكانه القيام بها، وعندما أقدم عليها لم يشعر بالندم أو بالذنب، كما لوحظ على بعض الحرَّاس استمتاعهم وتلذذهم بمعاناة السجناء رغم أنهم لا يعانون من اضطراب السادية!
الفكرة من كتاب تأثير الشيطان.. كيف يتحول الأخيار إلى أشرار؟
إذا ارتكب أي فرد فعلًا شائنًا أو ارتكب أي جريمة، فعلى الفور تتوجه أصابع الاتهام إلى طبيعته الإنسانية وجيناته وطباعه وميوله وفقًا للتفسير النزوعي، لكن زيمباردو يعارض هذا التفسير، ويستعيض عنه بالتفسير الظرفي للسلوكيات البشرية، إذ يرى أن الضغوط والقوى الظرفية والمواقف التي يتعرض لها الإنسان لها قدرة كبيرة على التأثير في سلوكه، ومن ثمَّ فهو يؤكد على أن الامتثال للمجموعة والانصياع للسلطة يمكن أن يهيمن على روح المبادرة في الفرد ويدمرها، وبين ذلك من خلال تجربة “سجن ستانفورد“
تلك التجربة التي كشفت لنا كيف يمكن لبشر عاديين وصالحين -قد نكون أنا وأنت منهم- أن يسقطوا ويرتكبوا أفظع الجرائم، ويقوموا بأفعال فاسدة ومؤذية ضد الآخرين، لذا فهو يقترح تبني نموذج الصحة العامة بدلًا من نموذج معالجة المرضى، ويؤكد على أن فهم دور الموقف والنظام في توجيه سلوك الفرد لا يعني إعفاءه من مسؤولية التورط في أفعال شريرة أو غير أخلاقية أو غير قانونية، ومن ثم فإن الكتاب محاولة لفهم سلوكيات البشر الشريرة، وليس تبريرًا لأفعالهم.
مؤلف كتاب تأثير الشيطان.. كيف يتحول الأخيار إلى أشرار؟
فيليب زيمباردو: هو أستاذ علم النفس المتقاعد بجامعة ستانفورد، وسبق له التدريس في العديد من الجامعات الأمريكية، تولى منصب رئيس جمعية الطب النفسي الأمريكية، وهو مدير مركز ستانفورد للسياسات الانضباطية والتعلم وأبحاث الإرهاب، ومن مؤلفاته:
The Shy Child: Overcoming and Preventing Shyness from Infancy to Adulthood
Shyness: What It I, What to Do About It
Psychology and Life
معلومات عن المترجم:
هشام سمير عناية الله: هو مترجم وباحث مصري، تخرج في كلية اللغات والآداب بجامعة ميلانو بإيطاليا، وتخصص في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ومن ترجماته:
مختصر تاريخ الجنس البشري.
الحرب الهادئة.. مستقبل التنافس العالمي.
بنات إبراهيم، الفكر النسوي في اليهودية والمسيحية والإسلام.