لتسقط تلك الجدران!
لتسقط تلك الجدران!
نحن الآن نحيا عصر التمرُّد على قيود الجغرافيا وحدود المكان، فذاك المكان التقليدي المنحصر بين أربعة جدران والمملوء بالمكاتب التي تصطك بعضها ببعض سيصبح من آثار الماضي، فالتكنولوجيا اليوم أسقطت الجدران، والأجهزة الذكية اليوم أضحت بمثابة مكاتب متنقِّلة، وليس من الضروري الوجود المادي في أماكن العمل المخصصة، وتلبية لديناميكية الأسواق ظهرت العديد من التطبيقات التي غيرَّت المفهوم التقليدي للتنظيم الداخلي لإدارات العمل والأقسام المختلفة بالشركات المعاصرة، الأمر الذي جعل بعض الشركات الكبرى تغلق العديد من المباني الكاملة دون أن تنخفض إنتاجيتها.
وتعدُّ المؤسسات الافتراضية من التطبيقات الحديثة التي انتشرت بقوة مع بدايات هذا القرن، وهي كيان مجتمعي يعتمد بناؤه وعمله بشكل أساسي على تكنولوجيا الحاسبات والاتصالات حيث لا يتقيَّد بحدود زمنية أو مكانية، نظرًا إلى أنها تقدم خدماتها من خلال الشبكة ولا تحتاج إلى مبانٍ تقليدية، بل إلى برامج حاسوبية متقدمة تُشكِّل في مجملها بيئة العمل الافتراضي، فالتنظيم الرقمي للمؤسسات تحقِّق شبكة من التعاون تعمل على تنسيق الأنشطة آليًّا وتجمع بين مهارات العمال ومواردهم بهدف تحقيق الهدف المشترك الذي وضعته المنظمة افتراضية، وقد تأكَّدت تلك الثقافة الجديدة في العمل مع انتشار جائحة كورونا (كوفيد19) لتحقيق التباعد الاجتماعي قدر الإمكان منعًا من انتقال العدوى.
ولا شك أن الشكل الرقمي للمؤسسة يتيح لها العديد من المرونة كالعمل بدوام جزئي أو حتى من المنزل، كما تتيح الاستفادة من الأوقات البينية المهدرة بين الانتقال من مكان إلى آخر، وكذلك تساعد على زيادة درجة التخصص وتقسيم الأعمال، كما تمتاز بسرعتها في الاستجابة للتغيرات الداخلية والخارجية على حدٍّ سواء مقارنةً بالمؤسسات التقليدية الأخرى، وهذا ما ساعد الشركات التي تبنَّت مفهوم المكاتب الافتراضية أن تُحقق اقتصادًا ملموسًا في النفقات وزيادة الإنتاجية، وبالتالي المزيد من الأرباح، كما ارتفعت مستويات الرضا الوظيفي للعاملين نتيجة تمتُّعهم بالمزيد من الحرية الجديدة.
الفكرة من كتاب ثورة الإنفوميديا: الوسائط المعلوماتية وكيف تُغيِّر عالمنا وحياتك؟
يشهد التاريخ بأن البشرية مرَّت بعدة ثورات متعاقبة كان آخرها ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والتي أحدثت القطيعة مع كل ما هو قديم، وأصبح من الواضح جدًّا أننا لا يمكننا تحمُّل تكاليف تفويت الاستفادة من الفرص التي خلقتها تلك الثورة الرقمية، ومن هنا كان هذا الكتاب بمثابة ببليوغرافيا للمستقبل وتحوُّلاته المرتقبة ودليل لاقتحام آفاقٍ جديدة.
مؤلف كتاب ثورة الإنفوميديا: الوسائط المعلوماتية وكيف تُغيِّر عالمنا وحياتك؟
فرانك كيلش (Frank Kelsch): هو خبير ومبرمج نظم ورجل استراتيجيات معلوماتية، قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995 مع والديه عندما كان صبيًّا، ويعدُّ الآن من خبراء صناعة الحوسبة والاتصالات، كما قام ببناء وتنظيم أكبر شبكة حاسب في أمريكا الشمالية، واستعانت به كبريات المؤسسات كمستشار وخبير استراتيجيات وتنظيم، وهو محاضر ومتحدِّث دائم في المؤتمرات والمنتديات العامة بصفة منتظمة حول مستقبليات صناعة الحوسبة، من مؤلفاته “ثورة الإنفوميديا الوسائط المعلوماتية وكيف تُغيِّر عالمنا وحياتك؟”.