لتحصيل ملكة العربية
لتحصيل ملكة العربية
لعلك تفكر الآن كيف يمكن للمرء أن يُقوِّم لسانه ويزيل عنه العُجمة، خصوصًا إن كنت ممن يعملون في الترجمة.
والسبيل إلى تعلم لغة وإتقانها يكون بالنظر في اللغة وتشربها ومعايشتها، بالإكثار من القراءة والاستماع ومخالطة أهل تلك اللغة، حتى تصير كالهواء الذي تتنفسه –كما ينقل الكاتب عن أحد أستاذته- فتُكثر الاستما ع إليها في مختلف أحوالك، وتكتب بها، وتحدِّث نفسك بها.
وأما النحو، فلا يُركز المرء عليه وحده، ولا يدرسه لذاته، لئلا تكون معانيه بعيدة عن سياقها، ولا يُمضي وقته في حفظ القواعد وشواهدها دون مخالطة اللغة بالاستماع والقراءة في كتب أهلها، وإلا لم يتذوقها.
وأما الكتب التي تُعين على اكتساب ملكة العربية، فأولها كتاب الله عز وجل، ومنها –كما ذكر الشيخ فيصل المنصور في مقالةِ السبيل إلى البيان- نهج البلاغة المنسوب إلى علي رضي الله عنه، والقصائد السبع بشرح أبي بكرِ الأنباري، والبيان والتبيين للجاحظ، والكامل للمبرِّد، ومنها كتب تُفيد في أسلوب الأدب والحكمة مثل الأدب الصغير والأدب الكبير لابن المقفع، وديوان المتنبي، ومنها كتبٌ تُفيد في أسلوب القصص مثل كليلة ودمنة لابن المقفع والبخلاء للجاحظ.
ويحسُن بالمرء أن ينظر أولًا في الكتب التي فيها كلام الناس على طبيعتهم، بغير تعمد تزيين العبارات. كحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام أصحابه رضي الله عنهم، ثم كتب القصص والأخبار التي تروي كلام الناس، ثم يرتقي بعد ذلك إلى كتب الشعر والأدب.
وأكثر الكتب التي كتبت قبل عصر الترجمة أو قبل عام 1250 هجريًّا معينةٌ على تحصيل الملكة. ولا ننسى ذكر الكتب الصوتية، وكثيرٌ من كتب الأوائل مسجل ويسهل الوصول إليه على الشبكة، والاستماع أمر يسير وأثره كبير في اعتياد اللغة والحديث بها بغير تكلف.
أما من يعمل في الترجمة، فلا بد له من قدرٍ أكبر من التعلم والدربة.
ويُعينه أن ينظر في كتب الأوائل المترجمة ليرى ما يوازي الكلام الأعجمي من الأساليب الفصيحة، ويحاول أن يترجم النص الأعجمي ثم ينظر في النص العربي فيُقيِّم ترجمته بناء عليه ويصوبها.
وعند الترجمة يعينه البحث في معاجم أهل اللغة التي يترجم عنها، والبحثُ في ترجمة القرآن الكريم والحديث الشريف وفي كلام الأوائل، ويُسهِّل ذلك استخدام مواقع مثل islamawakened.com وsunnah.com وموقع الرصائف.
الفكرة من كتاب العرنجية.. بلسانٍ عربي هجين
سرت العُجمة في أهل هذا الزمان، واختلطت العربية باللغات الإفرنجية فكانت العرنجية التي يًحدثنا عنها هذا الكتاب؛ مُبيِّنًا لنا معنى العربية الفصيحة وأهميتها، وأسباب تحوِّلها، مع أمثلةٍ تبين العُجمة في أبواب اللغة المختلفة، ومع نصائح لتقويم اللسان وترقية الملكة اللغوية.
مؤلف كتاب العرنجية.. بلسانٍ عربي هجين
أحمد الغامدي: ترجمان سعودي، درس اللغة الإنجليزية في الجامعة، ثم نال الماجستير في الترجمة، ويدرس الدكتوراه.
ومن أعماله: ترجمة كتاب اللقاءات المشرقية في بلاد الشام لمحمد مارماديوك بن بكثال.