لا مكان للهرب
لا مكان للهرب
يتبادر إلى أذهاننا أحيانًا أن السبيل لاستعادة انتباهنا هو الانعزال والتخلي عن مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن هل هذا حقًّا الحل؟ يخبرنا الكاتب بتجربته لهذا الأمر، فلقد مرت هذه الفكرة بذهنه بعد أن صار يمضي كثيرًا من الوقت يتصفح هذه المواقع، وبات لا يستطيع التركيز على مهامه دون مقاطعات، فنوى الانعزال في جزيرة “بروفنستاون” لمدة ثلاثة أشهر دون هاتفه الذكي أو أي جهاز إلكتروني، معه فقط هاتف قديم غير متصل بالإنترنت يمكّنه من إجراء المكالمات، في بداية خوضه التجربة كان دائم التفكير في هاتفه ولديه رغبة في العودة إلى مدينته “بوسطن” للحصول على هاتفه واللابتوب، ويتخيل كيف يصف هذه التجربة في تغريدة على تويتر، يقول إنه رغم انقطاعه عن المشتتات وأنه صار يرى كم كانت طريقة تفكيره في الأمور تافهة، وأن ربط إعجاب الناس بما ينشره دليل على أهميته، فإنه كان يشتاق إلى العودة.
إن الابتعاد عن المشتتات يُولد حالة من الفراغ ينبغي أن تُملأ، ولكن الوصول إلى مرحلة الملء لن يتم إلا بعد أن تمر بفترة الإحساس بالذعر والرغبة في العودة، تفسر هذه المرحلة البروفيسور “جلوريا مارك | Gloria Mark” بقولها: لأننا أمضينا زمنًا طويلًا في عيش حياة كلها مقاطعات خارجية، فحتى رغم تحررنا منها سنجد أنفسنا تبدأ بمقاطعة نفسها. وإن قدرتنا على تخطي مرحلة المقاطعات الخارجية والنفسية تجعلنا قادرين على الدخول في حالة “الفيض” التي يَصفها “ميخالي” بأنها الحالة الأعمق التي يمكن أن يصل إليها البشر من التركيز والانتباه، وللوصول إليها ينبغي أن يكون للمرء هدف إيجابي واضح يسعى إليه، وأن يتخلص من أجهزة التسلية التي تؤدي إلى جعله مصابًا بحالة الضجر والقنوط، ويصير عالقًا في حالة من “التشظّي”.
الفكرة من كتاب تركيزنا المسلوب.. لماذا صرنا نعاني مشكلة قلة الانتباه؟
يعتقد أغلبنا أن مشكلة قلة الانتباه بدأت مع ظهور شركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن استعادة انتباهنا مشكلة فردية علينا التغلب عليها بالبحث في الكتب التي تتناول موضوعات تحسين التركيز وتقوية الإرادة، والحقيقة أن لهذه المشكلة جذورًا عميقة ينبغي معرفتها حتى نتمكن من إيجاد حل يدوم على المدى البعيد، ولهذا بدأ الكاتب رحلته في هذا الكتاب لتعريفنا القوى العميقة التي تعمل على الإضرار بانتباهنا، وذكر الحلول الفردية والمجتمعية التي تساعد على حلها.
مؤلف كتاب تركيزنا المسلوب.. لماذا صرنا نعاني مشكلة قلة الانتباه؟
يوهان هاري: صحفي وكاتب بريطاني سويسري، كتب لعديد من الجرائد والصحف العالمية مثل: “نيويورك تايمز” و”لوس أنجلوس تايمز”، ويتحدَّث بصورة منتظمة في أشهر البرامج الحوارية، كما حصل على عديد من الجوائز مثل: “صحفي الجريدة لمدة عامين من منظمة Amnesty”، ولديه عديد من الكتب التي تدور حول موضوعات الاكتئاب، والحرب على المخدرات، والنظام الملكي، وقدم أيضًا عديدًا من المحادثات حول مواضيع الإدمان، والاكتئاب والقلق على منصة TED. حققت أعماله أفضل المبيعات على مستوى العالم
وترجمت كتبه إلى ثمانٍ وثلاثين لغة، كما تحول كتابه الأول “ملاحقة الصرخة” إلى فيلم رُشح لجائزة الأوسكار، ووُضع كتابه الثاني “إخفاق التواصل” على قائمتي ساندي تايمز ونيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا، بالإضافة إلى تقديمه لقاء عن الإدمان والاكتئاب في TED Talks، شُوهد أكثر من 80 مليون مرة.
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري مقيم في بلغاريا، حاز إجازة جامعية في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، كانت بدايات عمله في الترجمة في سنة 1991، ترجم عديدًا من الكتب الإنجليزية المشهورة مثل: كتاب “فن اللامبالاة” لمارك مانسون، ورواية “1984” لجورج أورويل، وكتاب “سنة 501 الغزو مستمر” لنعوم تشومسكي.