لا عصمة إلا لنبي.. الشورى ضد الاستبداد
لا عصمة إلا لنبي.. الشورى ضد الاستبداد
ربما يبرر البعض استبداد الحكام بالرأي لعبقريتهم النادرة، وبُعد نظرهم عمن حولهم، فبذلك يجب عليهم الإصرار على رأيهم لمصلحة الأمة العامة، ولكن هل كل حكامنا عباقرة؟ وحتى أولئك العباقرة ماذا كانت عاقبة استبدادهم؟ لقد شهد العالم حربين كبيرتين، قادتهما ثلة من المستبدين العباقرة، فما كانت عاقبة رؤيتهم إلا نهايتهم ووبالًا طويلًا على شعوبهم، أو هل يتعالى أولئك القادة باستبدادهم في الرأي على سنة النبي ﷺ في الشورى ونزوله عن رأيه لرأي أصحابه سلمًا كان الحال أو حربًا؟ أو أنهم اقتدوا بحال الوحي، وتلك الوقائع التي سار النبي ﷺ فيها على هديه مخالفًا لجماعة أصحابه، فمن أين لهم بالوحي ومن أين يأتيهم الهدى؟ ولما انتهت عصور النبوة، أوجدت الشعوب بعض الوسائل التي تضمن لها حريتها وتكبح بها جماح ملوكها، فأصبحت تلك المؤسسات الوارثة لعصور الملكية أثرًا غير فاعل في حياة الناس، أما سياسة الدولة فأوكلت إلى بشر يتغيرون، ولا يتمايزون على قومهم بنسب أو جاه.
وقد ارتبطت مفاهيم الحرية في العصر الحديث بالدول الغربية، وقد أقاموا هذه المفاهيم وعظموها في بلادهم، وتقدم هؤلاء القادة الجدد في “هيئة الأمم المتحدة” بوصفهم حماة الحمى للضعيف والمسكين، ولكن لم تجد منهم تلك الدول الصغيرة سوى كل احتقار وانتهاز، وأصبحت بلاد البشر الملونين مخازن للغذاء والمواد الخام للأسياد البيض، فصحيح أن الناس انتقلوا من عصر إلى عصر ولكن لم يختلف السيد عن سابقه المستبد بكل حياة، وفي أزمنة الاستبداد يصير إيقاف البغي وردع الظلم إفسادًا، وماذا عن تلك الشعوب السائمة المغصوبة على أمرها؟ وأمر الإيمان والهدى لا يكون في هذا الحال، بل تعود للناس عقولهم هم بعد تخليصهم من التعسف والجور، وإعادة حريتهم المسلوبة إليهم، وهذه الجذرية من الإسلام في التعامل مع مسألة الحرية والاستبداد لأن هذا الدين عزيز وكذلك معتنقيه، فلا يكرهون على أمرهم.
الفكرة من كتاب الإسلام والاستبداد السياسي
ليست ظاهرة الاستبداد بالحدث الطارئ في التاريخ الإسلامي، فقد اختبر المسلمون الحكام المستبدين أكثر من أي نوع آخر، وأحدث هؤلاء الحكام العديد من الأفعال التي صارت بعدهم قوانين تطغى على الدين وتهمل وصايا النبي ﷺ، وقد زاد الاستعمار الحديث الأمر وبالًا، فاختلط الأمر على القوم، وظنوا أن منبع هذا الاستبداد من الدين نفسه، لادعاء هؤلاء الحكام خلافته في الأرض.
هنا يحاول الشيخ أن يرد الأمر إلى حقيقته، ويبين موقف الدين تجاه هذه النماذج، وكيف تعامل معها المسلمون طوال تاريخهم.
مؤلف كتاب الإسلام والاستبداد السياسي
محمد الغزالي: داعية ومفكر إسلامي، وأحد أشهر الدعاة في العصر الحديث، ولد في إيتاي البارود بمحافظة البحيرة عام 1917 م، ختم القرآن بكتاب قريته في العاشرة من عمره، تخرج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وحصل على درجة العالمية وهو في السادسة والعشرين، درس في العديد من الجامعات الإسلامية، كجامعة الأمير عبد القادر في الجزائر، وجامعة أم القرى في مكة، توفي عام 1996 م في المملكة العربية السعودية، له العديد من المؤلفات الهامة؛ منها:
الإسلام والمناهج الاشتراكية.
السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث.
فقه السيرة.